للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الله في آية أخرى: ﴿فَاطَّلَعَ فَرَآهُ فِي سَواءِ الْجَحِيمِ﴾ [الصافات: ٥٥] قال:

ذكر لنا أنه يطلع فيرى جماجم القوم تغلي.

أخبرنا معمر عن قتادة قال: قال بعض العلماء: لولا أن الله ﷿ عرفه إياه ما عرفه، لقد تغير حبره وسبره، فعند ذلك يقول: ﴿تَاللهِ إِنْ كِدْتَ لَتُرْدِينِ * وَلَوْلا نِعْمَةُ رَبِّي لَكُنْتُ مِنَ الْمُحْضَرِينَ﴾ [الصافات: ٥٦، ٥٧] في النار.

والحبر والسّبر: اللون والهيئة، من قولهم: جاءت الإبل حسنة الأحبار والأسبار، قاله الفراء. وقال الأصمعي: هو البهاء والجمال وأثر النعمة، يقال:

فلان حسن الحبر والسبر، إذا كان جميلا حسن الهيئة. قال ابن أحمد:

لبسنا حبرة حتى اقتضينا … لآجال وأعمار قضينا

ويقال أيضا: فلان حسن الحبر والسّبر بالفتح، وهذا كله مصدر قولك:

حبرته تحبيرا. والأول اسم، وتحبير الخط والشعر وغيرهما تحسينه وتزيينه.

[باب منه]

وروى أبو هدبة إبراهيم بن هدبة، قال: حدّثنا أنس بن مالك قال: قال رسول الله : «إن المستهزئين بعباد الله في الدنيا تفتح لهم أبواب الجنة يوم القيامة يقال لهم: ادخلوا الجنة، فإذا جاءوا أغلق الباب دونهم. وتفتح الثانية فيقال لهم: ادخلوا الجنة، فإذا جاءوا أغلق الباب دونهم، وتفتح لهم الثالثة، فيدعون فلا يجيبون، قال فيقول لهم الرب: أنتم المستهزءون بعبادي؟ أنتم آخر الناس حسابا؛ فيقومون حتى يغرقوا في عرقهم، فينادون: يا ربنا إما صرفتنا إلى جهنم وإما إلى رضوانك» (١).

[باب منه]

وقال رسول الله : «يؤمر يوم القيامة بأناس إلى الجنة، حتى إذا دنوا منها واستنشقوا رائحتها ونظروا إلى قصورها وإلى ما أعد الله لأهلها فيها نودوا أن اصرفوهم عنها لا نصيب لهم فيها، فيرجعون بحسرة ما رجع الأولون والآخرون بمثلها، فيقولون:

يا ربنا لو أدخلتنا النار قبل أن ترينا ما رأيتنا من ثوابك وما أعددت فيها لأوليائك كان أهون علينا، قال: ذلك أردت بكم، كنتم إذا خلوتم بي بارزتموني بالعظائم، وإذا لقيتم الناس لقيتموهم مختبئين، تراءون الناس بخلاف ما تعطوني من قلوبكم، هبتم الناس ولم تهابوني، وأجللتم الناس ولم تجلوني، وتركتم للناس ولم تتركوا لي؛ فاليوم أذيقكم العذاب الأليم مع ما حرمتكم من الثواب» (٢). ذكره أبو حامد .


(١) لا يصح.
(٢) أخرجه الطبراني في «الكبير» (١٧/ ٨٥، ٨٦/ ١٩٩) وفي «الأوسط» كما في «مجمع البحرين» -

<<  <  ج: ص:  >  >>