للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ميكائيل، فارفع رأسك، فرفعت رأسي، فإذا فوقي مثل السحاب. قالا: ذلك منزلك فقلت:

دعاني أدخل منزلي. قال: إنه بقي لك عمر لم تستكمله فلو استكملته أتيت منزلك» (١).

[فصل]

قال علماؤنا رحمة الله عليهم: لا أبين في أحوال المعذّبين في قبورهم من حديث البخاري، وإن كان مناما؛ فمنامات الأنبياء وحي، بدليل قول إبراهيم : ﴿يا بُنَيَّ إِنِّي أَرى فِي الْمَنامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ﴾ [الصافات: ١٠٢] فأجابه ابنه: ﴿يا أَبَتِ اِفْعَلْ ما تُؤْمَرُ﴾ [الصافات: ١٠٢]. وأما حديث الطحاوي فنصّ أيضا، وفيه رد على الخوارج ومن يكفر بالذنوب. قال الطحاوي: «وفيه ما يدلّ على أن تارك الصلاة ليس بكافر، لأن من صلى صلاة بغير طهور: فلم يصل، وقد أجيبت دعوته، ولو كان كافرا ما سمعت دعوته لأن الله ﷿ يقول: ﴿وَما دُعاءُ الْكافِرِينَ إِلاّ فِي ضَلالٍ﴾ [الرعد: ١٤]» (٢). وأما حديث البخاري ومسلم فيدل على أن الاستبراء من البول والتنزه عنه واجب، إذ لا يعذب الإنسان إلاّ على ترك الواجب، وكذلك إزالة جميع النجاسات قياسا على البول، وهذا قول أكثر العلماء، وبه قال ابن وهب ورواه عن مالك، وهو الصحيح في الباب، ومن صلى ولم يستنثر فقد صلى بغير طهور.

[تنبيه على غلط]

ذكر بعض أصحابنا - فيما نقل إلينا عنه - أن القبر الذي غرس عليه النبي العسيب، هو قبر سعد بن معاذ، وهذا باطل، إنما صح أن القبر ضغطه - كما ذكرنا - ثم فرج عنه، وكان سبب ذلك ما رواه يونس بن بكير، عن محمد بن إسحاق، قال: حدّثني أمية بن عبد الله، أنه سأل بعض أهل سعد: ما بلغكم في قول رسول الله هذا؟ قال ذكر لنا أن رسول الله سئل عن ذلك فقال: «كان يقصر في بعض الطهور من البول» (٣).

وذكر هنّاد بن السّري، حدثنا ابن فضيل، عن أبي سفيان، عن الحسن،


(١) أخرجه البخاري (٨٤٥، ١١٤٣، ١٣٨٦، ٢٠٨٥، ٢٧٩١، ٣٢٣٦، ٣٣٥٤، ٤٦٧٤، ٦٠٩٦، ٧٠٤٧) مطولا ومختصرا.
(٢) وكلام الطحاوي كلام نفيس؛ فتأمله، وانظر: «التمهيد» لابن عبد البر (٤/ ٢٣٨ - ٢٣٩) و «حكم تارك الصلاة» للعلامة الألباني، و «إعلام الأمة بحكم تارك الصلاة من الكتاب والسنة» للشيخ عطاء بن عبد اللطيف ص ٩٢ - ٩٥.
(٣) أخرجه البيهقي في «دلائل النبوة» (٤/ ٣٠) بهذا الإسناد، وإسناده ضعيف؛ يونس بن بكير؛ «صدوق يخطئ» وصرّح ابن إسحاق هنا بالتحديث، وعلّة أخرى؛ هي: الرجل المبهم من أهل سعد.
والحديث استغربه الحافظ ابن كثير في «البداية والنهاية» (٤/ ١٢٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>