للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قلت: والأظهر أنهما كانا مؤمنين وهو ظاهر الأحاديث والله أعلم.

(الطحاوي) عن ابن مسعود عن النبي قال: «أمر بعبد من عباد الله ﷿ أن يعذب في قبره مائة جلدة، فلم يزل يسأل الله تعالى ويدعوه حتى صارت واحدة، فامتلأ قبره عليه نارا، فلما ارتفع عنه أفاق فقال: لماذا جلدتموني؟ قال إنك صليت صلاة بغير طهور، ومررت على مظلوم فلم تنصره» (١).

(البخاري) عن سمرة بن جندب قال: كان النبي إذا صلّى صلاة أقبل علينا بوجهه، فقال: «من رأى منكم الليلة رؤيا»؟ قال: فإن رأى أحد رؤيا قصّها فيقول: «ما شاء الله» فسألنا يوما، فقال: «هل رأى أحد منكم رؤيا؟» قلنا: لا. قال: «لكني رأيت الليلة رجلين أتياني فأخذا بيدي، فأخرجاني إلى الأرض المقدسة، فإذا رجل جالس، ورجل قائم بيده كلوب من حديد يدخله في شدقه حتى يبلغ قفاه، ثم يفعل بشدقه الآخر مثل ذلك ويلتئم شدقه هذا فيعود فيصنع مثله. قلت: ما هذا؟ قالا: انطلق. فانطلقنا حتى أتينا على رجل مضطجع على قفاه، ورجل قائم على رأسه بفهر أو صخرة فيشدخ بها رأسه، فإذا ضربه تدهده الحجر فانطلق ليأخذه فما يرجع إلى هذا، حتى يلتئم رأسه وعاد رأسه كما هو فعاد إليه فضربه. قلت: ما هذا؟ قالا: انطلق، فانطلقنا إلى ثقب مثل التنور أعلاه ضيق وأسفله واسع يتوقد تحته نار فإذا اقترب ارتفعوا حتى كادوا أن يخرجوا، فإذا خمدت رجعوا فيها، وفيها رجال ونساء عراة. فقلت: ما هذا؟ قالا: انطلق، فانطلقنا حتى أتينا على نهر من دم فيه رجل قائم وعلى شط النهر رجل بين يديه حجارة فأقبل الرجل الذي في النهر فإذا أراد أن يخرج رمى الرجل بحجر في فيه فرده حيث كان، فجعل كلّما جاء ليخرج رمى في فيه بحجر فيرجع كما كان، فقلت: ما هذا؟ قالا: انطلق، فانطلقنا حتى انتهينا إلى روضة خضراء فيها شجرة عظيمة وفي أصلها شيخ وصبيان، وإذا رجل قريب من الشجرة بين يديه نار يوقدها، فصعدا بي الشجرة وأدخلاني دارا لم أر قط أحسن منها، فيها شيوخ وشباب ونساء وصبيان ثم أخرجاني منها، فصعدا بي الشجرة فأدخلاني دارا هي أحسن وأفضل، فيها شيوخ وشباب، قلت:

طوفتماني الليلة، فأخبراني عما رأيت. قالا: نعم؛ الذي رأيت يشق شدقه؛ فكذّاب يحدّث بالكذب، فتحمل عنه حتى تبلغ الآفاق فيصنع به إلى يوم القيامة، والذي رأيته يشدخ رأسه؛ فرجل علّمه الله القرآن فنام عنه بالليل، ولم يعمل فيه بالنهار، يفعل به إلى يوم القيامة، وأما الذين رأيتهم في الثقب؛ فهم الزناة، والذي رأيته في النهر آكل الربا، والشيخ في أصل الشجرة؛ إبراهيم، والصبيان حوله؛ فأولاد الناس، والذي يوقد النار؛ مالك خازن النار، والدار الأولى؛ دار عامة المؤمنين، وأما هذه الدار؛ فدار الشهداء، وأنا جبريل، وهذا


(١) أخرجه الطحاوي في «مشكل الآثار» (٤/ ٢٣١) بإسناد حسن. وهو في «الصحيحة» (٢٧٧٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>