للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أدري، كنت أقول كما يقول الناس. فيضرب بمطارق من حديد بين أذنيه فيصيح صيحة يسمعها الخلق غير الثقلين» (١).

وخرّج أبو داود أيضا عن البراء بن عازب قال: خرجنا مع رسول الله في جنازة رجل من الأنصار، فانتهينا إلى القبر، ولمّا يلحد، فجلس رسول الله وجلسنا حوله كأنّما على رؤوسنا الطير، وفي يده عود ينكت به في الأرض، فرفع رأسه فقال: «استعيذوا بالله من عذاب القبر» مرتين أو ثلاثا، قال: «وإنه ليسمع خفق نعالهم إذا ولّوا مدبرين حين يقال له: من ربّك؟ وما دينك؟ ومن نبيك»؟ قال: «ويأتيه ملكان فيجلسانه فيقولان له: من ربّك؟ فيقول: ربي الله، فيقولان: ما دينك؟ فيقول: ديني الإسلام، فيقولان: ما هذا الرجل الذي بعث فيكم؟ فيقول: هو رسول الله، فيقولان له:

وما يدريك؟ قال: قرأت كتاب الله فآمنت وصدقت» قال: «فينادي مناد من السماء: أن صدق عبدي فأفرشوه من الجنة، وألبسوه من الجنة، وافتحوا له بابا إلى الجنة» قال:

«فيأتيه من روحها وطيبها» قال: «ويفسح له مدّ بصره».

قال: «وإن الكافر» - فذكر موته - قال: «وتعاد روحه في جسده ويأتيه ملكان فيجلسانه، فيقولان له: من ربّك؟ فيقول: ها هاه، لا أدري. فيقولان: ما هذا الرسول الذي بعث فيكم؟ فيقول: هاه هاه، لا أدري. قال: فينادي مناد: أن كذب عبدي. فأفرشوه من النار، وألبسوه من النار، وافتحوا له بابا إلى النار» قال: «فيأتيه من حرّها وسمومها» قال:

«ويضيّق عليه قبره حتى تختلف فيه أضلاعه» (٢). زاد في حديث جرير قال: «ثم يقبض له أعمى أبكم معه مرزبة من حديد لو ضرب بها جبل لصار ترابا» قال: «فيضربه بها ضربة يسمعها ما بين المشرق والمغرب إلاّ الثقلين فيصير ترابا، ثم تعاد فيه الروح».

[فصل]

ذكر أبو حامد في كتاب «كشف علوم الآخرة»: وقد روي عن ابن مسعود أنه قال: يا رسول الله! ما أول ما يلقى الميت إذا دخل قبره؟ قال:

«يا ابن مسعود ما سألني عنه أحد إلاّ أنت؛ فأول ما يناديه ملك اسمه رومان يجوس خلال المقابر فيقول: يا عبد الله اكتب عملك. فيقول: ليس معي دواة ولا قرطاس. فيقول:

هيهات كفنك قرطاسك، ومدادك ريقك، وقلمك إصبعك. فيقطع له قطعة من كفنه، ثم يجعل العبد يكتب، وإن كان غير كاتب في الدنيا، فيذكر حينئذ حسناته وسيئاته كيوم واحد، ثم يطوي الملك القطعة ويعلقها في عنقه».


(١) أخرجه أبو داود (٤٧٥١) وهو في «صحيح سنن أبي داود» (٣٩٧٧).
(٢) أخرجه أبو داود (٤٧٥٣) وهو في «صحيح سنن أبي داود» (٣٩٧٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>