للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حدث عبد الله بن عمرو بن العاص قال: «أرواح المؤمنين في طير كالزرازير يتعارفون، يرزقون من [ثمر] الجنة» (١).

أخبرنا ابن لهيعة قال: حدّثني يزيد بن أبي حبيب، أن منصور بن أبي منصور حدثه قال: سألت عبد الله بن عمرو بن العاص ، فقلت: أخبرني عن أرواح المسلمين أين هي حين يتوفون؟ قال: ما تقولون أنتم يا أهل العراق؟ قلت:

لا أدري. قال: فإنها صور طير بيض في ظل العرش، وأرواح الكافرين في الأرض السابعة. (٢) وذكر الحديث.

قلت: فهذه حجة من قال: إن أرواح المؤمنين كلهم في الجنة - والله أعلم.

على أنه يحتمل أن يدخله من التأويل ما تقدم - والله أعلم - فيكون المعنى: أرواح المؤمنين الشهداء، وكذا فقلت: أخبرني عن أرواح المؤمنين الشهداء - والله أعلم.

[فصل]

وقع في حديث ابن مسعود: «أرواحهم في جوف طير خضر» وفي حديث مالك: «نسمة المؤمن طائر».

وروى الأعمش، عن عبد الله بن مرة قال: سئل عبد الله بن مسعود عن أرواح الشهداء؟ فقال: أرواح الشهداء عند الله كطير خضر في قناديل تحت العرش تسرح من الجنة حيث شاءت، ثم ترجع إلى قناديلها وذكر الحديث.

وروى ابن عيينة، عن عبد الله بن أبي يزيد، أنه سمع ابن عباس يقول: «إن أرواح الشهداء تجول في طير خضر».

وروى ابن شهاب عن ابن كعب بن مالك عن أبيه أن رسول الله قال:

«أرواح الشهداء طير خضر تعلّق في شجر الجنة». وهذا كله مطابق لحديث مالك، فهو أصح من رواية من روى أن أرواحهم في جوف طير خضر. قاله أبو عمر في «الاستذكار». وقال أبو الحسن القابسي: «أنكر العلماء قول من قال: «في حواصل طير» لأنها رواية غير صحيحة، لأنها إذا كانت كذلك فهي محصورة مضيق عليها».

قلت: الرواية صحيحة لأنها في «صحيح مسلم» بنقل العدل عن العدل، فيحتمل أن تكون الفاء بمعنى على، فيكون المعنى أرواحهم على جوف طير خضر، كما قال تعالى: ﴿وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ﴾ [طه: ٧١] أي على جذوع


(١) أخرجه ابن المبارك في «الزهد» (٤٤٦).
(٢) أخرجه نعيم بن حماد في زوائد «الزهد» لابن المبارك رقم (١٦٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>