للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قل لا إله إلا الله فجعل يقول: البقرة الصفراء، غلب عليه حبها والاشتغال بها.

نسأل الله السلامة والممات على الشهادة بمنه وكرمه.

ولقد حكى ابن ظفر في كتاب «النصائح» له قال: كان يونس بن عبيد - رحمه الله تعالى - بزّازا، وكان لا يبيع في طرفي النهار ولا في يوم غيم، فأخذ يوما ميزانه فرضّه بين حجرين فقيل له: هلا أعطيته الصانع فأصلح فساده؟ فقال: لو علمت فيه فسادا لما أبقيت من مالي قوت ليلة. قيل له: فلم كسرته؟ قال: حضرت الساعة رجلا احتضر فقلت له: قل لا إله إلا الله فامتعض، فألححت عليه فقال:

ادع الله لي، فقال: هذا لسان الميزان على لساني يمنعني من قولها. قلت أفما يمنعك إلا من قولها؟ فقال: نعم. قلت: وما كان عملك به؟ قال: ما أخذت ولا أعطيت به إلا حقّا في علمي، غير أني كنت أقيم المدة لا أفتقده ولا أختبره. فكان يونس بعد ذلك يشترط على من يبايعه أن يأتي بميزانه ويزن بيده وإلا لم يبعه.

***

[١٥ - باب ما جاء في سوء الخاتمة وما جاء أن الأعمال بالخواتيم]

(مسلم) عن أبي هريرة أن رسول الله قال: «إن الرجل ليعمل الزمان الطويل بعمل أهل الجنة ثم يختم له عمله بعمل أهل النار، وإن الرجل ليعمل الزمان الطويل بعمل أهل النار ثم يختم له بعمل أهل الجنة» (١).

وفي البخاري عن سهل بن سعد، عن النبي قال: «إن العبد ليعمل عمل أهل النار وإنه من أهل الجنة، ويعمل عمل أهل الجنة وإنه من أهل النار، وإنما الأعمال بالخواتيم» (٢).

قال أبو محمد عبد الحق: اعلم أن سوء الخاتمة - أعاذنا الله منها - لا تكون لمن استقام ظاهره وصلح باطنه، فاسمع ما سمع بهذا ولا علم به - والحمد لله - وإنما تكون لمن كان له فساد في العقل، أو إصرار على الكبائر وإقدام على العظائم، فربما غلب


(١) أخرجه مسلم (٢٦٤٣).
(٢) أخرجه البخاري (٣٢٠٨، ٣٣٣٢، ٦٥٩٤، ٧٤٥٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>