للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وخرّجه ابن ماجه، عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله : «لا تقوم الساعة حتى تقاتلوا قوما صغار الأعين عراض الوجوه، كأن أعينهم حدق الجراد وكأن وجوههم المجان المطرقة، ينتعلون الشعور ويتخذون الدرق، يربطون خيولهم بالنخل» (١).

(أبو داود) عن عبد الله بن بريدة، عن أبيه، عن النبي ، في حديث:

«يقاتلونكم قوم صغار الأعين - يعني الترك - قال: تسوقونهم ثلاث مرات حتى تلحقوهم بجزيرة العرب، فأما في السياقة الأولى فينجو منهم من هرب، وأما في الثانية فينجو بعضهم ويهلك بعض، وأما في الثالثة فيصطلمون» (٢).

[فصل]

قوله: «المجانّ المطرقة» المجانّ: جمع مجنّ، وهو الترس. والمطرقة: هي التي قد عولجت بطراق وهو الجلد الذي يغشاه، شبّه وجوههم في عرضها ونتوء وجناتها بالترس والمطرقة، قال معناه الخطابي وغيره، وقيده القاضي عياض في كتاب «مشارق الأنوار» له فقال: الصواب فيه المطرقة بفتح الطاء وتشديد الراء.

قاله الحافظ أبو الخطاب بن دحية: قال لي شيخنا المحدث الكبير اللغوي النحوي أبو إسحاق الحمزي: بل الصواب فيه المطرقة بسكون الطاء وفتح الراء، أي: التي أطرقت بالعقب أي: ألبست حتى غلظت وكأنها ترس على ترس، ومنه طارقت النعل إذا ركبت جلدا على جلد وخرزته عليه.

قال المؤلف رحمه الله تعالى: هذا معنى ما نقلناه عن الخطابي. وقال أهل اللغة: وفي الصحاح: والمجان المطرقة التي يطرق بعضها على بعض كالنعل المطرقة المخصوفة، ويقال: أطرقت الجلد والعصب، أي: ألبسته وترس مطرق.

وقولهم: نعالهم الشعر، أي: يصنعون من الشعر حبالا، ويصنعون منها نعالا كما يصنعون منه ثيابا، ويشهد بهذا قوله: «يلبسون الشعر ويمشون في الشعر» هذا ظاهره، ويحتمل أن يريد بذلك أن شعورهم كثيفة طويلة فهي إذا أسدلوها كاللباس، وذوائبها لوصولها إلى أرجلهم كالنعال والأول أظهر.

قال ابن دحية: إنما كان نعالهم من ضفائر الشعر أو من جلود مشعرة، لما في بلادهم من الثلج العظيم الذي لا يكون في بلد كبلادهم، ويكون من جلد الذئب وغيره. وقوله: يلبسون الشعر؛ فهو إشارة إلى الشرابيش التي يدار عليها


(١) أخرجه ابن ماجه (٤٠٩٩)، وصححه الألباني.
(٢) أخرجه أبو داود (٤٣٠٥)، وصححه الألباني.

<<  <  ج: ص:  >  >>