للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[١٠٣ - باب ما جاء في الشهداء عند الحساب]

قال العلماء: وتكون المحاسبة بمشهد من النبيين وغيرهم قال الله تعالى:

﴿وَجِيءَ بِالنَّبِيِّينَ وَالشُّهَداءِ وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ﴾ [الزمر: ٦٩] وقال: ﴿فَكَيْفَ إِذا جِئْنا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنا بِكَ عَلى هؤُلاءِ شَهِيداً﴾ [النساء: ٤١]. وشهيد كل أمة نبيها، وقيل: إنهم كتبة الأعمال، وهو الأظهر، فتحضر الأمة ورسولها فيقال للقوم ﴿ماذا أَجَبْتُمُ الْمُرْسَلِينَ﴾ [القصص: ٦٥] ويقال للرسل ﴿أَجَبْتُمُ الْمُرْسَلِينَ﴾ فتقول الرسل:

﴿لا عِلْمَ لَنا﴾ [البقرة: ٣٢] على ما تقدم في الباب قبل، ثم يدعى كل واحد على الانفراد فالشاهد عليه صحيفة عمله وكاتباها فإنه قد أخبر في الدنيا أن عليه ملكين يحفظان أعماله وينسخانها.

وذكر أبو حامد في كتاب «كشف علوم الآخرة» أن المنادي ينادي من قبل الله ﴿لا ظُلْمَ الْيَوْمَ إِنَّ اللهَ سَرِيعُ الْحِسابِ﴾ [غافر: ١٧] فيستخرج لهم كتاب عظيم يسد ما بين المشرق والمغرب فيه جميع أعمال الخلائق، فما من صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها ﴿وَوَجَدُوا ما عَمِلُوا حاضِراً وَلا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَداً﴾ [الكهف: ٤٩] وذلك أن أعمال الخلائق تعرض على الله في كل يوم، فيأمر الكرام البررة أن ينسخوها في ذلك الكتاب العظيم وهو قوله تعالى: ﴿إِنّا كُنّا نَسْتَنْسِخُ ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ﴾ [الجاثية: ٢٩] ثم ينادي بهم فردا فردا فيحاسب كل واحد منهم فإذا اللسان والأقدام تشهد واليدان وهو قوله تعالى: ﴿يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ بِما كانُوا يَعْمَلُونَ﴾ [النور: ٢٤] وقد جاء في الخبر أن رجلا منهم يوقف بين يدي الله فيقول له: يا عبد السوء كنت مجرما عاصيا. فيقول: ما فعلت. فيقال له: عليك بينة، فيؤتى بحفظته فيقول كذبوا علي، فتشهد جوارحه عليه، فيؤمر به إلى النار فيجعل يلوم جوارحه فتقول له: ليس عن اختيارنا، أنطقنا الله الذي أنطق كل شيء.

وقد تقدم هذا المعنى مستوفى وتقدم أن الأرض والأيام والليالي والمال ممن يشهد وإذا قال الكافر لا أجيز على نفسي إلا شاهدا مني ختم على فيه فتشهد أركانه كما تقدم.

***

<<  <  ج: ص:  >  >>