للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[فصل]

قال علماؤنا رحمة الله عليهم: حملة القرآن وقراؤه هم العالمون بأحكامه وبحلاله وحرامه والعاملون بما فيه. وقال مالك: قد يقرأ القرآن من لا خير فيه.

وقد تقدم حديث العباس بن عبد المطلب في أبواب النار، وحديث أبي هريرة فيمن تعلم العلم وقرأ القرآن عجبا ورياء، ما فيه كفاية لمن تدبر.

وروى أبو هدبة إبراهيم بن هدبة قال: حدّثنا أنس بن مالك قال: قال رسول الله : «من تعلم القرآن وعلمه ولم يأخذ بما فيه وحرّفه؛ كان عليه شهيدا ودليلا إلى جهنم، ومن تعلم القرآن وأخذ بما فيه كان له شهيدا ودليلا إلى الجنة» (١).

وفي البخاري: «مثل المؤمن الذي يقرأ القرآن ويعمل به كالأترجة، طعمها طيب وريحها طيب، والمؤمن الذي لا يقرأ القرآن ويعمل به كالثمرة طعمها طيب ولا ريح لها» (٢)، وذكر الحديث.

وقد أشبعنا القول فيه في قارئ القرآن وأحكامه في كتاب «التذكار في فضل الأذكار» وفي مقدمة «جامع أحكام القرآن» ما فيه كفاية والحمد لله.

وقد تقدم أن في الجنة مائة درجة أعدها للمجاهدين في سبيله فالجهاد يحصل مائة درجة، وقراءة القرآن تحصل جميع الدرجات، والله المستعان على ذلك، والإخلاص فيه بمنه وفضله.

***

[١٩١ - باب ما جاء في غرف الجنة ولمن هي]

قال الله تعالى: ﴿لكِنِ الَّذِينَ اِتَّقَوْا رَبَّهُمْ لَهُمْ غُرَفٌ مِنْ فَوْقِها غُرَفٌ مَبْنِيَّةٌ﴾ [الزمر: ٢٠] الآية. وقال: ﴿إِلاّ مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صالِحاً فَأُولئِكَ لَهُمْ جَزاءُ الضِّعْفِ بِما عَمِلُوا وَهُمْ فِي الْغُرُفاتِ آمِنُونَ﴾ [سبأ: ٣٧] وقال: ﴿أُوْلئِكَ يُجْزَوْنَ الْغُرْفَةَ بِما صَبَرُوا﴾ [الفرقان: ٧٥].

وروى مسلم عن سهل بن سعد أن رسول الله قال: «إن أهل الجنة ليتراءون أهل الغرف من فوقهم كما تتراءون الكوكب الدري الغائر في الأفق من المشرق أو المغرب لتفاضل ما بينهم». قالوا: يا رسول الله؛ تلك منازل الأنبياء لا يبلغها


(١) لا يصح.
(٢) أخرجه البخاري (٥٤٢٧) ومسلم (٧٩٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>