للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٧٩ - باب بيان الحشر إلى الموقف كيف هو؟ وفي أرض المحشر وذكر الصخرة، وقوله تعالى: ﴿وَاِسْتَمِعْ يَوْمَ يُنادِ الْمُنادِ مِنْ مَكانٍ قَرِيبٍ﴾ الآية

(أبو نعيم) قال: حدّثنا أبي، قال: حدّثنا إسحاق، قال: حدّثنا محمد، قال:

حدّثنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا المنذر بن النعمان؛ أنه سمع وهب بن منبه يقول:

قال الله تعالى لصخرة بيت المقدس: لأضعن عليك عرشي، ولأحشرن عليك خلقي، وليأتينك يومئذ داود راكبا (١).

وقال بعض العلماء في قوله تعالى: ﴿وَاِسْتَمِعْ يَوْمَ يُنادِ الْمُنادِ مِنْ مَكانٍ قَرِيبٍ﴾ [ق: ١٤] قال: إنه ملك قائم على صخرة بيت المقدس، فينادي: أيتها العظام البالية، والأوصال المتقطعة، ويا عظاما نخرة، ويا أكفانا فانية، ويا قلوبا خاوية، ويا أبدانا فاسدة، ويا عيونا سائلة، قوموا لعرض رب العالمين.

قال قتادة: المنادي؛ هو صاحب الصور، ينادي من الصخرة من بيت المقدس. قال كعب: وهي أقرب الأرض إلى السماء بثمانية عشر ميلا، وقيل:

باثني عشر ميلا. ذكره القشيري، والأول ذكره الماوردي. وقيل: إن المنادي جبريل، والله أعلم.

قال عكرمة: ينادي منادي الرحمن؛ فكأنما ينادي في آذانهم يوم يسمعون الصيحة بالحق يريد النفخ في الصور ﴿ذلِكَ يَوْمُ الْخُرُوجِ﴾ [ق: ٤٢] ﴿يَوْمَ تَشَقَّقُ الْأَرْضُ عَنْهُمْ سِراعاً﴾ [ق: ٤٤] إلى المنادي صاحب الصور إلى بيت المقدس أرض المحشر ﴿ذلِكَ حَشْرٌ عَلَيْنا يَسِيرٌ﴾ [ق: ٤٤]، أي: هين سهل.

فإن قيل: فإذا كانت الصيحة للخروج؛ فكيف يسمعونها وهم أموات؟

قيل له: إن نفخة الإحياء تمتد وتطول، فتكون أوائلها للإحياء، وما بعدها للإزعاج من القبور، فلا يسمعون ما يكون للإحياء، ويسمعون ما يكون للإزعاج، ويحتمل أن تتطاول تلك النفخة، والناس يحيون منها أولا فأولا، وكلما حيي واحد سمع ما يحيى به من بعده، إلى أن يتكامل الجميع للخروج، وقد تقدم أن الأرواح


(١) أخرجه أبو نعيم في «الحلية» (٤/ ٦٦) بإسناد ضعيف.

<<  <  ج: ص:  >  >>