وصف الله تعالى الجنات في كتابه وصفا مقام العيان في غير ما سورة من القرآن، وأكثر ذلك في سورة الواقعة والرحمن، و ﴿هَلْ أَتاكَ حَدِيثُ الْغاشِيَةِ﴾ [الغاشية: ١] وسورة الإنسان، وبيّن ذلك أيضا نبينا محمد ﷺ بأوضح بيان، فنذكر من ذلك ما بلغنا في الأخبار الصحاح والحسان، وعن السلف الصالح أهل الفضل والإحسان ﵃، وحشرنا معهم؛ آمين.
ذكر ابن وهب، قال: وحدّثنا ابن زيد قال: إن رسول الله ﷺ ليقرأ: ﴿هَلْ أَتى عَلَى الْإِنْسانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ﴾ [الإنسان: ١] وقد أنزلت عليه وعنده رجل أسود قد كان يسأل النبي ﷺ، فقال له عمر بن الخطاب: حسبك لا تثقل على النبي ﷺ، قال:
دعه يا ابن الخطاب، قال: فنزلت عليه هذه السورة وهو عنده، فلما قرأها عليه وبلغ صفة الجنان زفر زفرة فخرجت نفسه؛ فقال رسول الله ﷺ:«أخرج نفس صاحبكم أو أخيكم الشوق إلى الجنة»(١).
***
[١٧٦ - باب صفة أهل الجنة في الدنيا]
قال ابن وهب: سمعت ابن زيد يقول: وصف الله أهل الجنة بالمخافة والحزن وبالبكاء والشفقة في الدنيا، فأعقبهم به النعيم والسرور في الآخرة، وقرأ قول الله ﷿: ﴿إِنّا كُنّا قَبْلُ فِي أَهْلِنا مُشْفِقِينَ﴾ [الطور: ٢٦] قال: ووصف أهل النار بالسرور في الدنيا والضحك فيها والتفكه، فقال: ﴿إِنَّهُ كانَ فِي أَهْلِهِ مَسْرُوراً * إِنَّهُ ظَنَّ أَنْ لَنْ يَحُورَ * بَلى﴾ [الانشقاق: ١٣ - ١٥] وقد تقدم من صفة أهلها ما فيه كفاية، والحمد لله وحده.
(١) ذكره ابن كثير في «تفسيره» (٤/ ٥٨١ - ٥٨٢) وقال: «مرسل غريب».