قال الترمذي: والمذهب في هذا عند أهل العلم من الأئمة ﵃؛ مثل سفيان الثوري، ومالك بن أنس، وابن المبارك، وابن عيينة، ووكيع وغيرهم، أنهم رووا هذه الأشياء، وقالوا: ونروي هذه الأحاديث، ولا يقال: كيف؟ وهذا الذي اختاره أهل الحديث أن تروى هذه الأشياء ويؤمن بها ولا تفسّر ولا تتوهّم، ولا يقال: كيف؟ وهذا أمر أهل العلم الذي اختاروه وذهبوا إليه.
قال المؤلف ﵀: وإنما يؤتى بالموت كالكبش - والله أعلم - لما جاء أن ملك الموت أتى آدم ﵇ في صورة كبش أملح، قد نشر من أجنحته أربعة آلاف جناح على ما تقدم أول الكتاب، في باب: ما جاء في صفة ملك الموت عند قبض روح المؤمن والكافر.
وفي التفسير من سورة الملك عن ابن عباس ومقاتل والكلبي في قوله: ﴿الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَياةَ﴾ [الملك: ٢] أن الموت والحياة جسمان، فجعل الموت في هيئة كبش لا يمر بشيء ولا يجد ريحه إلا مات، وخلق الحياة على صورة فرس أنثى بلقاء، وهي التي كان جبريل والأنبياء ﵈ يركبونها، خطوها مدّ البصر، فوق الحمار ودون البغل لا تمر بشيء يجد ريحها إلا حيي، ولا تطأ على شيء إلا حيي وهي التي أخذ السامري من أثرها فألقاها على العجل فحيي. حكاه الثعلبي والقشيري عن ابن عباس، والماوردي عن مقاتل والكلبي.
ومعنى يشرئبون: يرفعون رؤوسهم. والأملح من الكباش: الذي يكون فيه بياض وسواد، والبياض أكثر. قاله الكسائي. وقال ابن الأعرابي وهو النقي البياض.
وذكر صاحب «خلع النعلين»: أن هذا الكبش المذبوح بين الجنة والنار؛ أن الذي يتولى ذبحه يحيى بن زكريا ﵉، بين يدي النبي ﷺ، وبأمره الأكرم. وذكر في ذبحه كلاما مناسبا لحياة أهل الجنة وحياة أهل النار. وذكر صاحب كتاب العروس: أن الذي يذبحه جبريل ﵇، فالله أعلم.
تم كتاب النار بحمد الله العزيز الغفار، أجارنا الله منها بمنه وبفضله وكرمه، لا رب سواه، ولا معبود إلا إياه، لا إله إلا هو العزيز الغفار، وحسبنا الله ونعم الوكيل.