للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعن شهر بن حوشب قال: سئل رسول الله عن الموت وشدته؟ فقال:

«إن أهون الموت بمنزلة حسكة كانت في صوف، فهل تخرج الحسكة من الصوف إلاّ ومعها صوف» (١) قال شهر: ولما حضرت عمرو بن العاص الوفاة، قال له ابنه: يا أبتاه! إنك لتقول لنا: ليتني كنت ألقى رجلا عاقلا لبيبا عند نزول الموت حتى يصف لي ما يجد، وأنت ذلك الرجل فصف لي الموت، فقال: يا بني والله كأن جنبي في تخت، وكأني أتنفّس من سمّ إبرة، وكأن غصن شوك يجذب من قدمي إلى هامتي. ثم أنشأ يقول:

ليتني كنت قبل ما قد بدا لي … في تلال الجبال أرعى الوعولا

وعن أبي ميسرة رفعه قال: «لو أن ألم شعرة من الميت وضع على أهل السماء والأرض لماتوا جميعا» (٢) وأنشدوا:

أذكر الموت ولا أرهبه … إنّ قلبي لغليظ كالحجر

أطلب الدنيا كأني خالد … وورائي الموت يقفو بالأثر

وكفى بالموت فاعلم واعظا … لمن الموت عليه قد قدر

والمنايا حوله ترصده … ليس ينجي المرء منهنّ المفر

وقال آخر:

بينا الفتى مرح الخطا فرح بما … يسعى له إذ قيل قد مرض الفتى

إذا قيل: مات بليلة ما نامها … إذ قيل: أصبح مثخنا ما يرتجى

إذ قيل: أصبح شاخصا وموجها … ومعلّلا إذ قيل: أصبح قد قضى

[فصل]

أيها الناس: قد آن للنائم أن يستيقظ من نومه، وحان للغافل أن يتنبه من غفلته، قبل هجوم الموت بمرارة كأسه، وقبل سكون حركاته، وخمود أنفاسه، ورحلته إلى قبره، ومقامه بين أرماسه.

وروي عن عمر بن عبد العزيز أنه كتب إلى أناس من أصحابه يوصيهم فكان فيما أوصاهم به أن كتب إليهم:


(١) انظر «ضعيف الجامع» رقم (١٨٤٢).
(٢) عزاه الحافظ العراقي في «المغني عن حمل الأسفار» (١٢١٠/ ٤٣٨٤/٢) لابن أبي الدنيا في «الموت»، وقال: «وأبو ميسرة هو: عمرو بن شرحبيل، والحديث مرسل، حسن الإسناد».

<<  <  ج: ص:  >  >>