للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

«أما بعد: فإني أوصيكم بتقوى الله العظيم، والمراقبة له، واتخذوا التقوى والورع زادا، فإنكم في دار عما قريب تنقلب بأهلها، والله في عرصات القيامة وأهوالها يسألكم عن الفتيل والنقير، فالله الله عباد الله؛ اذكروا الموت الذي لا بدّ منه، واسمعوا قول الله تعالى: ﴿كُلُّ نَفْسٍ ذائِقَةُ الْمَوْتِ﴾ [آل عمران: ١٨٥] وقوله ﷿: ﴿كُلُّ مَنْ عَلَيْها فانٍ﴾ [الرحمن: ٢٦] وقوله ﷿: ﴿فَكَيْفَ إِذا تَوَفَّتْهُمُ الْمَلائِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبارَهُمْ﴾ [محمد: ٢٧]. فقد بلغني - والله أعلم - أنهم يضربون بسياط من نار، وقال جلّ ذكره: ﴿* قُلْ يَتَوَفّاكُمْ مَلَكُ الْمَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ ثُمَّ إِلى رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ﴾ [السجدة: ١١].

وقد بلغني - والله أعلم وأحكم - أن ملك الموت رأسه في السماء ورجلاه في الأرض وأن الدنيا كلها في يد ملك الموت كالقصعة بين يدي أحدكم يأكل منها. وقد بلغني - والله أعلم وأحكم - أن ملك الموت ينظر في وجه كل آدمي ثلاثمائة نظرة وستّا وستين نظرة. وبلغني: أن ملك الموت ينظر في كل بيت تحت ظل السماء ستمائة مرة. وبلغني: أن ملك الموت قائم وسط الدنيا، فينظر الدنيا كلها برّها وبحرها وجبالها وهي بين يديه كالبيضة بين رجلي أحدكم! وبلغني: أن لملك الموت أعوانا الله أعلم بهم، ليس منهم ملك إلا لو أذن له أن يلتقم السموات والأرض في لقمة واحدة لفعل.

وبلغني: أن ملك الموت تفزع منه الملائكة أشد من فزع أحدكم من السبع.

وبلغني: أن حملة العرش إذا قرب ملك الموت من أحدهم ذاب حتى يصير مثل الشعرة من الفزع منه. وبلغني: أن ملك الموت ينتزع روح ابن آدم من تحت عصوه وظفره وعروقه وشعره، ولا تصل الروح من مفصل إلى مفصل، إلا كان أشد عليه من ألف ضربة بالسيف. وبلغني: أنه لو وضع وجع شعرة من الميت على السموات والأرض لأذابها، حتى إذا بلغت الحلقوم ولي القبض ملك الموت. وبلغني أن ملك الموت إذا قبض روح المؤمن جعلها في حريرة بيضاء ومسك أذفر، وإذا قبض روح الكافر جعلها في خرقة سوداء في فخار من نار أشد نتنا من الجيف (١).

وفي الخبر: أنه إذا دنت منية المؤمن نزل عليه أربعة من الملائكة؛ ملك يجذب النفس من قدمه اليمنى، وملك يجذبها من قدمه اليسرى، وملك يجذبها من


(١) هذه البلاغات التي ذكرها المصنف فيها مبالغات! فلا يصح إثباتها إلا بنص صحيح.

<<  <  ج: ص:  >  >>