وهذه الآيات إخبار لوزن أعمال الكفار، لأن عامة المعنيين بقوله: ﴿خَفَّتْ مَوازِينُهُ﴾ في هذه الآيات؛ هم الكفار. وقال في سورة المؤمنون: ﴿فَكُنْتُمْ بِها تُكَذِّبُونَ﴾ [المؤمنون: ١٠٥] وفي الأعراف ﴿بِما كانُوا بِآياتِنا يَظْلِمُونَ﴾ وقال:
﴿فَأُمُّهُ هاوِيَةٌ﴾ وهذا الوعيد بإطلاقه للكفار، وإذا جمع بينه وبين قوله: ﴿وَإِنْ كانَ مِثْقالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنا بِها وَكَفى بِنا حاسِبِينَ﴾ [الأنبياء: ٤٧] ثبت أن الكفار يسألون عما خالفوا فيه الحق من أصل الدين وفروعه، إذا لم يسألوا عما خالفوا فيه أصل دينهم من ضروب تعاطيهم ولم يحاسبوا به، ولم يعتد بها في الوزن أيضا، فإذا كانت موزونة دلّ على أنهم يحاسبون بها وقت الحساب. وفي القرآن ما يدل على أنهم مخاطبون بها مسؤولون عنها، محاسبون بها، مجزيون على الإخلال بها، لأن الله تعالى يقول: ﴿وَوَيْلٌ لِلْمُشْرِكِينَ * الَّذِينَ لا يُؤْتُونَ الزَّكاةَ﴾ [فصلت: ٦، ٧] فتوعدهم على منعهم الزكاة، وأخبر عن المجرمين أنهم يقال لهم: ﴿ما سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ﴾ [المدثر: ٤٢] الآية فبان بهذا أن المشركين مخاطبون بالإيمان، والبعث، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وأنهم مسؤولون عنها محاسبون