[٢١٨ - باب نبذ من أقوال العلماء في تفسير كلمات وآيات من القرآن وردت في ذكر الجنة وأهلها]
من ذلك قوله تعالى: ﴿وَنَزَعْنا ما فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ﴾ [الحجر: ٤٧] قال ابن عباس: أول ما يدخل أهل الجنة الجنة تعرض لهم عينان، فيشربون من إحدى العينين، فيذهب الله تعالى ما في قلوبهم من غل، ثم يدخلون العين الأخرى؛ فيغتسلون فيها، فتشرق ألوانهم وتصفو وجوههم، وتجري عليهم نضرة النعيم.
وقال علي ﵁ في قوله تعالى: ﴿وَسَقاهُمْ رَبُّهُمْ شَراباً طَهُوراً﴾ [الإنسان: ٢١] قال: إذا توجّه أهل الجنة إلى الجنة؛ مرّوا بشجرة يخرج من تحت ساقها عينان، فيشربون من إحداهما، فتجري عليهم بنضرة النعيم، فلا تتغيّر أبشارهم، ولا تتشعّث أشعارهم أبدا، ثم يشربون من الأخرى، فيخرج ما في بطونهم من الأذى، ثم تستقبلهم خزنة الجنة، فتقول لهم: ﴿سَلامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوها خالِدِينَ﴾ [الزمر: ٧٣].
وذكره ابن المبارك قال: أخبرنا معمر، عن أبي إسحاق، عن عاصم بن ضمرة، عن علي أنه تلا هذه الآية: ﴿وَسِيقَ الَّذِينَ اِتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَراً حَتّى إِذا جاؤُها﴾ [الزمر: ٧٣] حتى إذا انتهوا إلى باب من أبوابها وجدوا عند باب الجنة شجرة يخرج من ساقها عينان، فعمدوا إلى إحداهما كأنما أمروا بها فاغتسلوا منها، فلم تشعث رؤوسهم بعدها أبدا، ولم تغير جلودهم بعدها أبدا، كأنما دهنوا بالدهن، ثم عمدوا إلى الأخرى فشربوا منها، فطهرت أجوافهم وغسلت كل قذر فيها، وتتلقاهم على كل باب من أبواب الجنة ملائكة ﴿سَلامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوها خالِدِينَ﴾ ثم تتلاقهم الولدان يطيفون بهم كما يطيف ولدان الدنيا بالحميم يجيء من الغيبة يقولون: أبشر أعد الله لك كذا وكذا، ثم يذهب الغلام منهم إلى الزوجة من أزواجه، فيقول: قد جاء فلان، باسمه الذي كان يدعى في الدنيا، فتقول له: أنت رأيته؟ فيستخفّها الفرح حتى تقوم على أسكفة الباب، ثم ترجع؛ فتجيء فتنظر إلى تأسيس بنيانه من جندل اللؤلؤ أخضر وأصفر وأحمر، من كل لون، ثم يجلس فينظر؛ فإذا زرابيّ مبثوثة، وأكواب موضوعة، ونمارق مصفوفة، ثم يرفع رأسه إلى سقف بنيانه، فلولا أن الله قدّر ذلك لأذهب بصره، إنما هو مثل البرق، ثم يقول كما أخبر تعالى: ﴿الْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي هَدانا لِهذا وَما كُنّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلا أَنْ هَدانَا اللهُ﴾ [الأعراف: ٤٣](١).