للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

«يا أبا جهل بن هشام! يا أمية بن خلف! يا عتبة بن ربيعة! يا شيبة بن ربيعة! أليس قد وجدتم ما وعدكم ربّكم حقا؟ فإني وجدت ما وعدني ربي حقا»، فسمع عمر قول النبي فقال: يا رسول الله كيف يسمعون! وأنّى يجيبون! وقد جيفوا؟ قال: «والذي نفسي بيده، ما أنتم بأسمع لما أقول منهم، ولكنهم لا يقدرون أن يجيبوا» ثم أمر بهم فسحبوا فألقوا في قليب بدر (١).

[فصل]

اعلم رحمك الله؛ أن عائشة قد أنكرت هذا المعنى، واستدلّت بقوله تعالى: ﴿فَإِنَّكَ لا تُسْمِعُ الْمَوْتى﴾ [الروم: ٥٢] وقوله: ﴿وَما أَنْتَ بِمُسْمِعٍ مَنْ فِي الْقُبُورِ﴾ [فاطر: ٢٢]. ولا تعارض بينهما، لأنه جائز أن يكونوا يسمعون في وقت ما، أو في حال ما، فإن تخصيص العموم ممكن وصحيح إذا وجد المخصّص، وقد وجد هنا بدليل ما ذكرناه - وقد تقدم - وبقوله : «إنه ليسمع قرع نعالهم» وبالمعلوم من سؤال الملكين للميت في قبره وجوابه لهما، وغير ذلك مما لا ينكره. وقد ذكر ابن عبد البر في كتاب «التمهيد» و «الاستذكار» من حديث ابن عباس قال: قال رسول الله : «ما من أحد يمر بقبر أخيه المؤمن كان يعرفه في الدنيا فيسلم عليه إلاّ يعرفه في الدنيا فيسلم عليه إلاّ عرفه، ورد عليه السلام» (٢). صححه أبو محمد عبد الحق. وجيفوا معناه: أنتنوا.

***

٥٩ - باب قوله تعالى ﴿يُثَبِّتُ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثّابِتِ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا﴾ الآية

(مسلم) عن البراء بن عازب عن النبي قال: ﴿يُثَبِّتُ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثّابِتِ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَفِي الْآخِرَةِ﴾ [إبراهيم: ٢٧] قال: نزلت في عذاب القبر.

يقال له ربك فيقول: الله ربي، ونبيي محمد، فذلك قوله: ﴿يُثَبِّتُ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثّابِتِ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَفِي الْآخِرَةِ﴾ (٣).


(١) المصدر السابق (٢٨٧٤).
(٢) تقدم تخريجه.
(٣) أخرجه مسلم (٢٨٧١).

<<  <  ج: ص:  >  >>