جاءت بها الآثار والأخبار، كالخبر الذي رواه معاذ بن جبل ﵁ في رد الأعمال، وغيره.
فإذا ردت النفس إلى الجسد ووجدته قد أخذ في غسله إن كان قد غسل، فتقعد عند رأسه حتى يغسل، فإذا أدرج الميت في أكفانه صارت ملتصقة بالصدر من خارج الصدر، ولها خوار وعجيج تقول: أسرعوا بي إلى رحمة الله، أي رحمة لو تعلمون ما أنتم حاملوني إليه، وإن كان يبشر بالشقاء تقول: رويدا إلى أي عذاب لو تعلمون ما أنتم حاملوني إليه، فإذا أدخل القبر وهيل عليه التراب؛ ناداه القبر:
كنت تفرح على ظهري، فاليوم تحزن في بطني، كنت تأكل الألوان على ظهري، فالآن يأكلك الدود في بطني، ويكثر عليه مثل هذه الألفاظ الموبخة حتى يسوّى عليه التراب، ثم يناديه ملك يقال له رومان، وهو أول ما يلقى الميت إذا دخل قبره على ما يأتي بيانه إن شاء الله تعالى، والله أعلم بغيبه وأحكم.
***
[٢١ - باب كيفية التوفي للموتى واختلاف أحوالهم في ذلك]
ذكر الله التوفي في كتابه مجملا ومفصلا:
فقال الله تعالى: ﴿الَّذِينَ تَتَوَفّاهُمُ الْمَلائِكَةُ طَيِّبِينَ﴾ [النحل: ٣٢] وقال: ﴿قُلْ يَتَوَفّاكُمْ مَلَكُ الْمَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ﴾ [السجدة: ١١] وقال: ﴿تَوَفَّتْهُ رُسُلُنا وَهُمْ لا يُفَرِّطُونَ﴾ [الأنعام: ٦١] وقال: ﴿الَّذِينَ تَتَوَفّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظالِمِي أَنْفُسِهِمْ﴾ [النحل: ٢٨]، فهذا كله مجمل، وقد بينه رسول الله ﷺ على ما يأتي بيانه إن شاء تعالى. وقال: ﴿وَلَوْ تَرى إِذْ يَتَوَفَّى الَّذِينَ كَفَرُوا الْمَلائِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبارَهُمْ﴾ [الأنفال: ٥٠] وقال:
﴿فَكَيْفَ إِذا تَوَفَّتْهُمُ الْمَلائِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبارَهُمْ﴾ [محمد: ٢٧]، وهذا مخصوص بمن قتل من الكفار يوم بدر، باتفاق أهل التأويل، فيما قاله بعض علمائنا، وقد ذكر المهدوي وغيره في ذلك اختلافا، وأن الكفار حتى الآن يتوفون بالضرب والهوان - والله أعلم.
وروى مسلم في حديث فيه طول قال أبو زميل: فحدثني ابن عباس، قال:
«بينما رجل من المسلمين يومئذ، يشتد في أثر رجل من المشركين أمامه، إذ سمع ضربة