للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[فصل]

قوله: «ناركم هذه التي يوقد ابن آدم جزء من سبعين جزءا من نار جهنم»، يعني: أنه لو جمع كل ما في الوجود من النار التي يوقدها ابن آدم لكانت جزءا من أجزاء جهنم المذكور، وبيانه: أنه لو جمع حطب الدنيا فأوقد كله حتى صار نارا لكان الجزء الواحد من أجزاء نار جهنم الذي هو من سبعين جزءا من حر نار الدنيا، كما بينه في آخر الحديث.

وقوله: «وإن كانت لكافية» إن - هنا - مخفّفة من الثقيلة عند البصريين، نظيره ﴿وَإِنْ كانَتْ لَكَبِيرَةً إِلاّ عَلَى الَّذِينَ هَدَى اللهُ﴾ [البقرة: ١٤٣] أي: إنها كانت كافية، فأجابهم النبي بأنها كما فضّلت عليها في المقدار والعدد بتسعة وستين، فضّلت عليها أيضا في شدّة الحر بتسعة وستين ضعفا، والله أعلم.

***

[١٥٥ - باب منه، وما جاء في شكوى النار وكلامها وبعد قعرها، وأهوالها، وفي قدر الحجر الذي يرمى به فيها]

روى الأئمة عن أبي هريرة قال: قال رسول الله : «اشتكت النار إلى ربها فقالت: يا رب أكل بعضي بعضا، فجعل لها نفسين، نفس في الشتاء، ونفس في الصيف، فأشد ما تجدون من البرد من زمهريرها، وأشد ما تجدون من الحرّ من سمومها» (١). أخرجه البخاري ومسلم.

وعن أبي هريرة قال: كنا مع رسول الله ، إذ سمع وجبة، فقال رسول الله : «أتدرون ما هذا؟» قلنا: الله ورسوله أعلم. قال: «هذا حجر رمي به في النار منذ سبعين خريفا، فهو يهوي في النار إلى الآن حتى انتهى إلى قعرها» (٢). أخرجه مسلم.

الوجبة: الهدة، وهي صوت وقع الشيء الثقيل.

(الترمذي) عن الحسن قال: قال عتبة بن غزوان، على منبرنا هذا - يعني منبر البصرة - عن النبي قال: «إن الصخرة العظيمة لتلقى من شفير جهنم فتهوي فيها سبعين عاما، وما تفضي إلى قرارها» قال: فكان ابن عمر يقول: أكثروا ذكر النار، فإن حرّها شديد، وإن قعرها بعيد، وإن مقامعها حديد (٣). قال أبو عيسى:


(١) أخرجه البخاري (٣٢٦٠) ومسلم (٦١٧).
(٢) أخرجه مسلم (٢٨٤٤).
(٣) أخرجه الترمذي (٢٥٧٥) بإسناد ضعيف.

<<  <  ج: ص:  >  >>