للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[فصل]

قوله: «يتقارب الزمان»؛ قيل: معناه قصر الأعمار وقلة البركة فيها، وقيل:

هو دنو زمان الساعة. وقيل: هو قصر مدة الأيام، على ما روي «أن الزمان يتقارب حتى تكون السنة كالشهر والشهر كالجمعة، والجمعة كاليوم، واليوم كالساعة، والساعة كاحتراق السّعفة» (١). أخرجه الترمذي، وقال: هذا حديث حسن غريب. وقيل في تأويله غير هذا.

وقال حماد بن سلمة: سألت أبا سنان عن قوله: «يتقارب الزمان حتى تكون السنة كالشهر» وقال: ذلك من استلذاذ العيش.

قال الخطابي: يريد - والله أعلم - زمان خروج المهدي ووقوع الأمنة في الأرض فيما يبسطه من العدل فيها، - على ما يأتي - ويستلذ به العيش عند ذلك وتستقصر مدته، ولا يزال الناس يستقصرون مدة أيام الرخاء وإن طالت وامتدت، ويستطيلون أيام المكروه وإن قصرت وقلّت والعرب تقول في مثل هذا: مرّ بنا يوم كعرقوب القطا قصرا.

و «يلقى الشح» بمعنى: يتلقى ويتعلم ويتواصى عليه ويدعى إليه، ومنه قوله تعالى: ﴿فَتَلَقّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِماتٍ فَتابَ عَلَيْهِ﴾ [البقرة: ٣٧] أي: تقبلها وتعلمها، ويجوز يلقى بتخفيف اللام والقاف على معنى يترك، لإفاضة المال وكثرته، حتى يهم رب المال من يقبل صدقته فلا يجد من يقبلها على ما يأتي، ولا يجوز أن يكون يلقى بمعنى يوجد؛ لأن الشح ما زال موجودا قبل تقارب الزمان.

***

[٢٣٠ - باب ما جاء في الفرار من الفتن وكسر السلاح وحكم المكره عليها]

(مالك) عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله : «يوشك أن يكون خير مال المسلم غنما يتبع بها شعف الجبال ومواقع القطر يفر بدينه من الفتن» (٢).


(١) أخرجه الترمذي (٢٣٣٢)، وهو صحيح.
(٢) أخرجه مالك في «الموطأ» (٣٦٤/ ١٦/٢) -٥٤ - كتاب الاستئذان - (٦) باب ما جاء فيه أمر الغنم. والبخاري (٣٣٠٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>