وذكره القتبي في «عيون الأخبار» له مرفوعا عن علي ﵁ أنه قال:
سألت رسول الله ﷺ عن قول الله ﷿: ﴿يَوْمَ نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمنِ وَفْداً﴾ [مريم: ٨٥] ما هؤلاء الوفد؟ قال: يحشرون ركبانا ثم قال: والذي نفسي بيده؛ إنه إذا خرجوا من قبورهم ركبوا نوقا عليها رحائل الذهب، مرصّعة بأنواع الجوهر، فتسير بهم إلى باب الجنة، قال: وعند باب الجنة شجرة ينبع من أصلها عينان، فيشربون من إحدى تلك العيون، فإذا بلغ الشراب البطن؛ طهّرهم الله به من دنس الدنيا وقذرها، فذلك قوله تعالى: ﴿وَسَقاهُمْ رَبُّهُمْ شَراباً طَهُوراً﴾. قال: ثم يغتسلون من العين الأخرى، فلا تشعث رؤوسهم ولا تتغيّر ألوانهم. قال: ثم يضربون حلق أبواب الجنة، فلو سمعت الخلائق طنين الأبواب لافتتنوا بها، فيبادر رضوان فيفتح لهم، فينظرون إلى حسن وجهه فيخرّون ساجدين، فيقول لهم رضوان: يا أولياء الله؛ أنا قيّمكم الذي وكلت بكم وبمنازلكم، فينطلق بهم إلى قصور من فضة، شرفاتها من ذهب، يرى ظاهرها من باطنها من النور والرقة والحسن، قال: فيقول أولياء الله عند ذلك: يا رضوان! لمن هذا؟ فيقول: هذا لكم. فقال رسول الله ﷺ:
«فلولا أن الموت يرفع عن أهل الجنة لمات أكثرهم فرحا». قال:«ثم يريد أحدهم أن يدخل قصره»، فيقول له رضوان: اتبعني حتى أريك ما أعدّ الله لك. قال: فيمرّ به فيريه قصورا وخياما، وما أعطاه الله ﷿. قال: ثم يأتي به إلى غرفة من ياقوتة من أسفلها إلى أعلاها مائة ذراع، قد لوّنت بجميع الألوان، على جنادل الدر والياقوت، وفي الغرفة سرير طوله فرسخ في عرض مثل ذلك، عليه من الفراش كقدر خمسين غرفة، بعضها فوق بعض. قال رسول الله ﷺ: فذلك قوله ﷿: ﴿وَفُرُشٍ مَرْفُوعَةٍ﴾ [الواقعة: ٣٤] وهي من نور والسرير من نور، وعلى رأس ولي الله تاج له سبعون ركنا، في كل ركن سبعون ياقوتة تضيء، وقد رد الله وجهه كالبدر، وعليه طوق ووشاح يتلألأ من نور، وقد سور بثلاثة أسورة؛ سوار من الذهب وسوار من الفضة وسوار من لؤلؤ، فذلك قوله تعالى: ﴿يُحَلَّوْنَ فِيها مِنْ أَساوِرَ مِنْ ذَهَبٍ وَلُؤْلُؤاً وَلِباسُهُمْ فِيها حَرِيرٌ﴾ [الحج: ٢٣].
وقوله تعالى: ﴿جَنّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَها﴾ [الرعد: ٢٣] قال ابن عباس: الجنات سبع: دار الجلال، ودار السلام، وجنة عدن، وجنة المأوى، وجنة الخلد، وجنة الفردوس، وجنة النعيم.
وقيل: إن الجنان أربع، لأن الله تعالى قال: ﴿وَلِمَنْ خافَ مَقامَ رَبِّهِ جَنَّتانِ﴾ [الرحمن: ٤٦]. وقال بعد ذلك: ﴿وَمِنْ دُونِهِما جَنَّتانِ﴾ [الرحمن: ٦٢] ولم يذكر سوى هذه الأربع جنة خامسة، فإن قيل: فقد قال: ﴿جَنَّةُ الْمَأْوى﴾ [النجم: ١٥]