وكذلك ما روي عن أبي سعيد الخدري، عن النبي ﷺ:«إذا كانت سنة تسع وتسعين وخمسمائة يخرج المهدي في أمتي على خلاف من الناس، يملأ الأرض عدلا كما ملئت جورا وظلما، يرضى عنه ساكن السماء وساكن الأرض، ويفتح الله له كنوز الأرض، وتنزل السماء قطرها، وتخرج الأرض ثمرها، ويزرع الزارع في الأرض صاعا فيصيب مائة صاع، ويذهب الغلاء والقحط والجوع عن الناس، ويجوز إلى الأندلس ويقيم فيها ويملكها تسع سنين ويستفتح فيها سبعين مدينة من مدائن الروم، ويغنم رومية وكنيسة الذهب فيجد فيها تابوت السكينة وفيها غفارة عيسى وعصا موسى ﵉ فيكسرون العصا على أربعة أجزاء فإذا فعلوا ذلك رفع الله عنهم النصر والظفر، ويخرج عليهم ذو العرف في مائة ألف مقاتل بعد أن يتحالف الروم أنهم لا يرجعون أو يموتون، فينهزم المسلمون حتى يأتوا سرقسطة البيضاء فيدخلوها بإذن الله تعالى، ويكرم الله من فيها بالشهادة، ولا يكون للمسلمين بعد خراب سرقسطة سكنى ولا قرار بالأندلس، وينتهون إلى قرطبة فلا يجدون فيها أحدا لما أصاب الناس من شدة الفزع من الروم، يهربون من الأندلس يريدون العدو، فإذا اجتمعوا على ساحل البحر ازدحموا على المراكب فيموت منهم خلق كثير، فينزل الله إليهم ملكا في صورة إبل فينجو من نجا وغرق من غرق».
قلت: كل ما جاء في هذا الحديث فمذكور في حديث حذيفة وغيره وإنما المنكر فيملك الروم الأندلس إلى خروج الدجال.
ومنه تعيين التاريخ، وقد كان سنة تسع وتسعين وخمسمائة ولم يكن شيء من ذلك، بل كان بالأندلس تلك السنة وقعة «الأراك» التي أهلك الله فيها الروم ولم يزل المسلمون في نعمة وسرور إلى سنة تسع وستمائة، فكانت فيها وقعة العقاب هلك فيها كثير من المسلمين ولم يزل المسلمون في تلك الوقعة بالأندلس يرجعون القهقرى إلى أن استولى عليهم العدو، وغلبهم بالفتن الواقعة بينهم، والتفصيل يطول، ولم يبق الآن من الأندلس إلا اليسير فنعوذ بالله من الفتن والخذلان والمخالفة والعصيان وكثرة الظلم والفساد والعدوان.
والذي ينبغي أن يقال به في هذا الباب أن ما أخبر به النبي ﷺ من الفتن والكوائن أن ذلك يكون وتعيين الزمان في ذلك من سنة كذا يحتاج إلى طريق صحيح يقطع العذر وإنما ذلك كوقت قيام الساعة، فلا يعلم أحد أي سنة هي ولا أي شهر، إما أنها تكون في يوم جمعة في آخر ساعة منه وهي الساعة التي خلق الله فيها آدم ﵇، ولكن أي جمعة لا يعلم تعيين ذلك اليوم إلا الله وحده لا شريك له، وكذلك ما يكون من الأشراط تعيين الزمان لها لا يعلم، والله أعلم.
وقد سمعت من بعض أصحابنا أن ما وقع في التاريخ في حديث أبي سعيد