للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وخرج أبو نعيم الحافظ، عن جبير بن بكر، وكثير (١) بن مرة، وعمرو بن الأسود، عن العرباض بن سارية : أن رسول الله قال: «كل عمل ينقطع عن صاحبه إذا مات إلاّ المرابط في سبيل الله، فإنه ينمي عليه عمله ويجري عليه رزقه إلى يوم الحساب» (٢).

وفي هذا الحديث وحديث فضالة بن عبيد قيد ثان؛ وهو: الموت حالة الرباط، والله أعلم.

وروي عن عثمان بن عفان قال: سمعت رسول الله يقول: «من رابط ليلة في سبيل الله كانت له كألف ليلة صيامها وقيامها» (٣).

وروي عن أبي بن كعب قال: قال رسول الله : «لرباط يوم في سبيل الله من وراء عورة المسلمين محتسبا من غير شهر رمضان، أعظم أجرا من عبادة مائة سنة صيامها وقيامها، ورباط يوم في سبيل الله من وراء عورة المسلمين محتسبا من شهر رمضان أفضل عند الله وأعظم أجرا». أراه قال: «من عبادة ألف سنة صيامها وقيامها، فإن رده الله إلى أهله سالما لم يكتب عليه سيئة ألف سنة، ويكتب له من الحسنات ويجري له أجر الرباط إلى يوم القيامة» (٤). فدل هذا الحديث على أن رباط يوم في شهر رمضان يحصل به الثواب الدائم، وإن لم يمت مرابطا والله أعلم. أخرجه عن محمد بن إسماعيل بن سمرة، حدّثنا محمد بن يعلى السلمي، حدّثنا عمرو بن صبيح، عن عبد الرحمن بن عمرو، عن مكحول، عن أبي بن كعب فذكره (٥).

مسألة الرباط: هو الملازمة في سبيل الله. مأخوذ من ربط الخيل، ثم سمي كلّ ملازم لثغر من ثغور المسلمين؛ مرابطا، فارسا كان أو راجلا، واللفظة مأخوذة من الرباط، وقول النبي في منتظري الصلاة: «فذلكم الرباط» إنما هو تشبيه بالرباط في سبيل الله، والرباط اللغوي هو الأول، وهو الذي يشخص إلى ثغر من الثغور ليرابط فيه مدة ما، فأما سكان الثغور دائما بأهلهم الذين يعمرون ويكتسبون هناك، فهم وإن كانوا حماة فليسوا بمرابطين. قاله علماؤنا، وقد بيناه في كتاب «الجامع لأحكام القرآن» من سورة آل عمران (٦) - والحمد لله.


(١) وقع في «المطبوعة»: «كبير»! والصواب ما أثبتناه.
(٢) أخرجه الطبراني في «الكبير» (٢٥٦/ ٦٤١/١٨) ووثق رجاله الهيثمي في «المجمع» (٥/ ٢٩٠).
(٣) أخرجه ابن ماجه (٢٧٦٦) وهو ضعيف جدا، انظر «ضعيف سنن ابن ماجه» (٥٥١).
(٤) أخرجه ابن ماجه (٢٧٦٨) وهو موضوع، المصدر السابق رقم (٥٥٢).
(٥) محمد بن يعلى السلمي وعمر بن صبيح متروكان.
(٦) انظر «الجامع لأحكام القرآن» (٤/ ٣٢٣ - ٣٢٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>