للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ملائكة من الجنة بيض الوجوه، كأن وجوههم الشمس، معهم أكفان من أكفان الجنة، وحنوط من حنوطها، فيجلسون منه مدّ البصر، فإذا قبضها الملك لم يدعوها في يده طرفة عين» قال: «فذلك قوله تعالى: ﴿تَوَفَّتْهُ رُسُلُنا وَهُمْ لا يُفَرِّطُونَ﴾ [الأنعام: ٦١] قال: فتخرج نفسه كأطيب ريح وجدت، فتعرج به الملائكة فلا يأتون على جند فيما بين السماء والأرض إلاّ قالوا: ما هذه الروح؟ فيقال: فلان، بأحسن أسمائه، حتى ينتهوا به أبواب سماء الدنيا فيفتح له، ويشيعه من كل سماء مقربوها حتى ينتهى به إلى السماء السابعة، فيقال: اكتبوا كتابه في عليين ﴿وَما أَدْراكَ ما عِلِّيُّونَ * كِتابٌ مَرْقُومٌ * يَشْهَدُهُ الْمُقَرَّبُونَ﴾ [المطففين: ١٩ - ٢١] فيكتب كتابه في عليين. ثم يقال: ردوه إلى الأرض فإني وعدتهم أني منها خلقتهم، وفيها نعيدهم، ومنها نخرجهم تارة أخرى، قال: فيرد إلى الأرض، وتعاد روحه في جسده، فيأتيه ملكان شديدا الانتهار، فينتهرانه ويجلسانه، فيقولان: من ربّك؟ وما دينك؟ ومن نبيك؟ فيقول:

ربي الله، وديني الإسلام، فيقولان: فما تقول في هذا الرجل الذي بعث فيكم؟ فيقول: هو رسول الله فيقولان: وما يدريك؟ فيقول: جاءنا بالبينات من ربنا فآمنت به وصدقت قال:

وذلك قوله تعالى: ﴿يُثَبِّتُ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثّابِتِ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَفِي الْآخِرَةِ﴾ [إبراهيم: ٢٧] قال: وينادي مناد من السماء أن قد صدق عبدي، فأفرشوه من الجنة وألبسوه من الجنة، وأروه منزله منها، ويفسح له مدّ بصره، ويمثل عمله له في صورة رجل حسن الوجه، طيّب الرائحة، حسن الثياب، فيقول: أبشر بما أعدّ الله لك، أبشر برضوان من الله وجنات فيها نعيم مقيم، فيقول: بشّرك الله بخير، من أنت؛ فوجهك الوجه الذي جاء بالخير؟ فيقول: هذا يومك الذي كنت توعد، أو الأمر الذي كنت توعد، أنا عملك الصالح فو الله ما علمتك إلاّ كنت سريعا في طاعة الله، بطيئا عن معصية الله فجزاك الله خيرا. فيقول: يا رب أقم الساعة كي أرجع إلى أهلي ومالي» قال: «فإن كان فاجرا وكان في إقبال من الآخرة وانقطاع من الدنيا جاءه ملك، فجلس عند رأسه فقال:

اخرجي أيتها النفس الخبيثة، أبشري بسخط من الله وغضبه، فتنزل ملائكة سود الوجوه، معهم مسوح من نار، فإذا قبضها الملك قاموا فلم يدعوها في يده طرفة عين، قال: فتفرق في جسده فيستخرجها، تقطع منها العروق والعصب، كالسفود الكثير الشعب في الصوف المبلول، فتؤخذ من الملك فتخرج كأنتن جيفة وجدت فلا تمر على جند فيما بين السماء والأرض، إلاّ قالوا ما هذه الروح الخبيثة؟ فيقولون: هذا فلان بأسوإ أسمائه حتى ينتهوا به إلى سماء الدنيا فلا يفتح لهم، فيقولون: ردوه إلى الأرض إني وعدتهم أني منها خلقتهم وفيها نعيدهم، ومنها نخرجهم تارة أخرى، قال: فيرمى به من السماء. قال: وتلا هذه الآية: ﴿وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللهِ فَكَأَنَّما خَرَّ مِنَ السَّماءِ فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكانٍ سَحِيقٍ﴾ [الحج: ٣١]، قال: فيعاد إلى الأرض وتعاد فيه روحه، ويأتيه ملكان شديدا الانتهار

<<  <  ج: ص:  >  >>