للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال ابن عباس في قوله تعالى: ﴿كَلاّ سَوْفَ تَعْلَمُونَ﴾ [التكاثر: ٣] ما ينزل بكم من العذاب في القبر، وقوله: ﴿ثُمَّ كَلاّ سَوْفَ تَعْلَمُونَ﴾ [التكاثر: ٤]؛ يعني في الآخرة إذا حل بكم العذاب. فالأول في القبر، والثاني في الآخرة فالتكرير للحالتين.

وروى زرّ بن حبيش عن علي قال: كنا نشك في عذاب القبر حتى نزلت هذه السورة ﴿أَلْهاكُمُ التَّكاثُرُ * حَتّى زُرْتُمُ الْمَقابِرَ * كَلاّ سَوْفَ تَعْلَمُونَ﴾ [التكاثر: ١ - ٣] يعني في القبور. وقال أبو هريرة: يضيق على الكافر قبره حتى تختلف فيه أضلاعه، وهو المعيشة الضنك. وروى أبو هريرة عن رسول الله : «أتدرون فيمن نزلت هذه الآية»؟ ﴿فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ أَعْمى﴾ [طه: ١٢٤] «أتدرون ما المعيشة الضنك»؟ قالوا: الله ورسوله أعلم. قال: «عذاب الكافر في القبر، والذي نفسي بيده إنه ليسلّط عليه تسعة وتسعون تنينا، أتدرون ما التنين؟ تسعة وتسعون حية، لكل حية تسعة رؤوس ينفخن في جسمه ويلسعنه ويخدشنه إلى يوم القيامة، ويحشر من قبره إلى موقفه أعمى» (١).

وذكر أبو بكر بن أبي شيبة عن أبي سعيد الخدري: قال سمعت رسول الله يقول: «يسلّط على الكافر في قبره تسعة وتسعون تنينا تنهشه وتلدغه حتى تقوم الساعة، ولو أن واحدا منها نفخ في الأرض ما أنبتت خضرا» (٢). وفي حديث عبد الله بن عمر بن العاص موقوفا: «ثم يؤمر به - يعني الكافر - فيضيق عليه قبره ويرسل عليه حيات كأمثال أعناق البخت، فتأكل لحمه حتى لا تذر على عظمه لحما، وترسل عليه ملائكة صمّ عمي يضربونه بفطاطيس لا يسمعون صوته فيرحموه، ولا يبصرونه فيرحموه، ولا يخطئون حين يضربونه، يعرض عليه مقعده من النار بكرة وعشيا، يدعو بأن يدوم عليه ذلك ولا يخلص إلى النار» الحديث وقد تقدّم.


(١) أخرجه ابن جرير الطبري في «تفسيره» (١٦/ ٢٢٨) وأبو يعلى في «مسنده» (٥٢١/ ٦٦٤٤/١١) وابن حبان (٣٩٢/ ٣١٢٢/٧) والآجري في «الشريعة» (٢/ ١٧٨ - ١٧٩/ ٨٩٥) والبيهقي في «إثبات عذاب القبر» (٦٨).
وإسناد الحديث حسن؛ ينظر كلام محقق «صحيح ابن حبان».
وقد قال الحافظ ابن كثير في «تفسيره» (٣/ ٢٢٦): «رفعه منكر جدا»، ولا أدري سبب هذا القول.
(٢) أخرجه ابن أبي شيبة (١٠٢/ ٧١/٨) وأحمد (٣/ ٣٨) وأبو يعلى (٤٩١/ ١٣٢٩/٢) وابن حبان (٣٩١/ ٣١٢١/٧) والآجري في «الشريعة» (٢/ ١٧٩ - ١٨٠/ ٨٩٦) والدارمي (٤٢٦/ ٢٨١٥/٢). من طريق: عن دراج أبي السمع، عن أبي الهيثم، عن أبي سعيد به مرفوعا.
لكن عند أبي يعلى جاء موقوفا.
وإسناده ضعيف لأجل دراج؛ فإن روايته عن أبي الهيثم ضعيفة.

<<  <  ج: ص:  >  >>