للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال المؤلف : والقول الأول أظهر لأن المقصود إظهار انفراده تعالى بالملك عند انقطاع دعوى المدّعين وانتساب المنتسبين، إذ قد ذهب كل ملك وملكه، وكل جبّار ومتكبّر وملكه، وانقطعت نسبتهم ودعاويهم، وهذا أظهر. وهو قول الحسن ومحمد بن كعب، وهو مقتضى قوله الحق: «أنا الملك أين ملوك الأرض»؟ وفي حديث أبي هريرة: «ثم يأمر الله ﷿ إسرافيل فينفخ نفخة الصّعق فيصعق من في السموات ومن في الأرض إلاّ من شاء الله، فإذا اجتمعوا أمواتا جاء ملك الموت إلى الجبار فيقول: قد مات أهل السماء والأرض إلاّ من شئت. فيقول الله سبحانه - وهو أعلم - من بقي؟ فيقول يا رب بقيت أنت الحيّ الذي لا تموت، وبقي حملة العرش، وبقي جبريل وميكائيل وإسرافيل، وبقيت أنا. فيقول الله ﷿: ليمت جبريل وميكائيل فينطق الله ﷿ العرش، فيقول: أي ربّ يموت جبريل وميكائيل؟ فيقول:

اسكت إني كتبت الموت على كلّ من تحت عرشي فيموتان. قال: ثم يأتي ملك الموت إلى الجبار ، فيقول يا رب! قد مات جبريل وميكائيل، فيقول الله سبحانه - وهو أعلم -: من بقي؟ فيقول: يا رب! بقيت أنت الحيّ الذي لا تموت، وبقي حملة عرشك وبقيت أنا. فيقول: ليمت حملة العرش. فيموتون فيأمر الله العرش فيقبض الصور من إسرافيل. ثم يقول: ليمت إسرافيل. فيموت. ثم يأتي ملك الموت، فيقول: يا رب! قد مات حملة عرشك. فيقول - وهو أعلم -: من بقي؟ فيقول: بقيت أنت الحيّ الذي لا تموت، وبقيت أنا. فيقول الله: أنت خلق من خلقي خلقتك لما رأيت فمت فيموت. فإذا لم يبق إلا الله الواحد الأحد الصمد الذي لم يتخذ صاحبة ولا ولدا ﴿لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ * وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ﴾ [الإخلاص: ٣، ٤] فكان كما كان أولا طوى السماء كطيّ السّجل للكتاب. ثم قال: أنا الجبار، ﴿لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ﴾؟ فلم يجبه أحد فيقول جل ثناؤه وتقدست أسماؤه ﴿لِلّهِ الْواحِدِ الْقَهّارِ﴾ (١).

قلت: حديث أبي هريرة هذا فيه طول وهذا وسطه، ويأتي آخره في الباب بعد هذا، ويأتي أوله بعد ذلك - إن شاء الله تعالى - فيتّصل جميعه إن شاء الله تعالى. ذكره الطبري وعلي بن معبد والثعلبي وغيرهم.

وفي حديث لقيط بن عامر عن النبي : «ثم تلبثون ما لبثتم، ثم تبعث الصيحة فلعمر إلهك ما تدع على ظهرها من شيء إلا مات، والملائكة الذي مع ربك، فأصبح ربك يطوف في البلاد وقد خلت عليه البلاد» (٢). وذكر الحديث وهو حديث فيه طول، خرّجه أبو داود الطيالسي في «مسنده» وغيره.


(١) حديث لا يصح، وسيأتي تخريجه.
(٢) أخرجه الطيالسي بإسناد ضعيف.

<<  <  ج: ص:  >  >>