للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من الناس أنّ تبدّل الأرض عبارة عن تغيير صفاتها، وتسوية آكامها، ونسف جبالها، ومد أرضها. ورواه ابن مسعود ، خرجه ابن ماجه، وسيأتي ذكره في الأشراط - إن شاء الله.

وذكر ابن المبارك من حديث شهر بن حوشب قال: حدثني ابن عباس قال: «إذا كان يوم القيامة مدّت الأرض مدّ الأديم، وزيد في سعتها كذا وكذا» (١). وذكر الحديث.

وروى أبو هريرة أن النبي قال: «تبدل الأرض غير الأرض فيبسطها ويمدها مدّ الأديم». ذكره الثعلبي في تفسيره.

وروى علي بن الحسين قال: «إذا كان يوم القيامة مد الله الأرض مد الأديم، حتى لا يكون لأحد من البشر إلاّ موضع قدميه» ذكره الماوردي.

وما بدأنا بذكره أصح لأنه نصّ ثابت عن النبي . فإن قال قائل: إن بدّل في كلام العرب معناه: تغيير الشيء، ومنه قوله تعالى: ﴿كُلَّما نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْناهُمْ جُلُوداً غَيْرَها﴾ [النساء: ٥٦] وقال: ﴿فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُوا قَوْلاً غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ﴾ [البقرة: ٥٩]. ولا يقتضي هذا إزالة العين وإنما معناه تغيير الصفة. ولو كان المعنى الإزالة لقال: «يوم تبدل الأرض» مخففا من أبدلت الشيء إذا أزلت عينه وشخصه. قيل له: ما ذكرته صحيح، ولكن قد قرئ قوله ﷿: ﴿عَسى رَبُّنا أَنْ يُبْدِلَنا خَيْراً مِنْها﴾ [القلم: ٣٢] مخففا ومثقلا بمعنى واحد. قال: ﴿وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً﴾ [النور: ٥٥] وقال: ﴿فَأُوْلئِكَ يُبَدِّلُ اللهُ سَيِّئاتِهِمْ حَسَناتٍ﴾ [الفرقان: ٧٠].

وكذا ذكر تاج اللغة أبو نصر الجوهري في «الصحاح». وأبدلت الشيء بغيره، وبدّله الله من الخوف أمنا، وتبديل الشيء أيضا تغييره، فقد دل القرآن، وكلام العرب، على أن بدّل وأبدل بمعنى واحد. وقد فسّر النبيّ أحد المعنيين، فهو أعلى ولا كلام معه.

قال ابن عباس وابن مسعود: «تبدّل الأرض أرضا بيضاء كالفضة لم يسفك عليها دم حرام، ولم يعمل عليها خطيئة قط».

وقال ابن مسعود أيضا: «تبدل الأرض نارا، والجنة من ورائها يرى أكوابها وكواعبها» (٢).

وقال أبو الجلد جيلان بن فروة: إني لأجد فيما أقرأ من كتب الله؛ أن الأرض تشعل نارا يوم القيامة.


(١) أخرجه نعيم بن حماد في زوائد الزهد لابن المبارك (٣٥٣) وأبو نعيم في «الحلية» (٦/ ٦١)، وفيه شهر بن حوشب؛ «صدوق، كثير الإرسال والأوهام».
(٢) أخرجه نعيم حماد في زوائد «الزهد» (٣٨٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>