ومنها: يوم البعث، وحقيقته إثارة الشيء عن خفاء، وتحريكه عن سكون.
قال عنترة:
وعصابة شمّ الأنوف بعثتهم … ليلا وقد مال الكرا بطلاها
وقال امرؤ القيس:
وفتيان صدق قد بعثت بسحرة … فقاموا جميعا بين عاث ونشوان (١)
وقد تقدم القول فيه وفي صفته، والحمد لله.
ومنها: يوم النشوز؛ وهو عبارة عن الإحياء، يقال: قد أنشز الله الموتى، فنشزوا؛ أي: أحياهم الله فحيوا، ومنه قوله تعالى: ﴿وَاُنْظُرْ إِلَى الْعِظامِ كَيْفَ نُنْشِزُها﴾ [البقرة: ٢٥٩] أي: نحييها، وقد يكون معناه التفريق؛ من ذلك قولك:
أمرهم نشز.
ومنها يوم الخروج، قال الله تعالى: ﴿يَوْمَ يَخْرُجُونَ مِنَ الْأَجْداثِ سِراعاً﴾ [المعارج: ٣٤] فأوله الخروج من القبور، وآخره خروج المؤمنين من النار، ثم لا خروج ولا دخول على ما يأتي. ومنها: يوم الحشر؛ وهو عبارة عن الجمع، وقد يكون مع الفعل إكراه، قال الله تعالى: ﴿وَأَرْسِلْ فِي الْمَدائِنِ حاشِرِينَ﴾ [الأعراف: ١١١] أي: من يسوق السحرة كرها، وقد مضى القول في الحشر مستوفى والحمد لله.
ومنها: يوم العرض، قال الله تعالى: ﴿يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ لا تَخْفى مِنْكُمْ خافِيَةٌ﴾ [الحاقة: ١٨] وقال: ﴿وَعُرِضُوا عَلى رَبِّكَ صَفًّا﴾ [الكهف: ٤٨]. وحقيقته إدراك الشيء بإحدى الحواس ليعلم حاله، وغايته السمع والبصر، فلا يزال الخلق قياما في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة، ما شاء الله أن يقوموا حتى يلهموا أو يهتموا، فيقولون: قد كنا نستشفع في الدنيا، فهلم فلنسأل الشفاعة إلى ربنا، فيقولون: ائتوا آدم … الحديث، وسيأتي.
قال ابن العربي: وفي كيفية العرض أحاديث كثيرة، المعوّل منها على تسعة أحاديث في تسعة أوقات:
الأول: الحديث المشهور الصحيح رواه أبو هريرة وأبو سعيد الخدري ﵄ واللفظ له، قال: إن ناسا في زمن النبي ﷺ قالوا: «يا رسول الله هل نرى ربنا يوم القيامة؟» قال رسول الله ﷺ: «هل تضارون في رؤية الشمس بالظهيرة صحوا ليس معها