للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النار وواحد من أهل الجنة يطلبه بمظلمة حتى اللطمة، قال: قلنا: كيف وإنما نأتي لله عراة حفاة؟ قال: بالحسنات والسيئات» (١).

قال الشيخ المؤلف : هذا الحديث الذي أراد البخاري بقوله ورحل جابر بن عبد الله مسيرة شهر إلى عبد الله بن أنيس في حديث واحد (٢).

(سفيان بن عيينة) عن مسعر، عن عمرو بن مرة قال: سمعت الشعبي يقول:

حدّثني الربيع بن خثيم - وكان من معادن الصدق - قال: إن أهل الدّين في الآخرة أشد تقاضيا له منكم في الدنيا، يحبس لهم فيأخذونه، فيقول: يا رب ألست تراني حافيا؟ فيقول: خذوا من حسناته بقدر الذي لهم، فإن لم يكن له حسنات يقول:

زيدوا على سيئاته من سيئاتهم.

وذكر أبو عمر بن عبد البر من حديث البراء عن النبي قال:

«صاحب الدّين مأسور يوم القيامة بالدين» (٣).

وروى أبو نعيم الحافظ بإسناده عن زاذان أبي عمر قال: دخلت على ابن مسعود فوجدت أصحاب الخز واليمنية قد سبقوني إلى المجلس، فقلت: يا عبد الله من أجل أني رجل أعجمي أدنيت هؤلاء وأقصيتني، قال: ادن، فدنوت حتى ما كان بيني وبينه جليس، فسمعته يقول: «يؤخذ بيد العبد أو الأمة فينصب على رؤوس الأولين والآخرين، ثم ينادي مناد: هذا فلان بن فلان، فمن كان له حق فليأت إلى حقّه، فتفرح المرأة بأن يدوّن لها الحق على ابنها أو أختها أو أبيها أو على زوجها، ثم قرأ ابن مسعود: ﴿فَلا أَنْسابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلا يَتَساءَلُونَ﴾ [المؤمنون: ١٠١]، فيقول الرب تعالى للعبد: ائت هؤلاء حقهم، فيقول: يا رب فنيت الدنيا فمن أين أوتيهم؟ فيقول للملائكة:

خذوا من أعماله الصالحة فأعطوا كل إنسان بقدر طلبته، فإن كان وليا لله فضلت من حسناته مثقال حبة من خردل من خير يضاعفها حتى يدخله بها الجنة، ثم قرأ: ﴿إِنَّ اللهَ لا يَظْلِمُ مِثْقالَ ذَرَّةٍ وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضاعِفْها وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ أَجْراً عَظِيماً﴾ [النساء: ٤٠]. وإن كان عبدا شقيّا قالت الملائكة: رب فنيت حسناته وبقي طالبون. فيقول للملائكة: خذوا من أعمالهم السيئة فأضيفوها إلى سيئاته وصكوا له صكا في النار» (٤).


(١) أخرجه البخاري في «الأدب المفرد» (٩٧٠)، وهو حديث صحيح؛ انظر «ظلال الجنة في تخريج السنة» رقم (٥١٤).
(٢) انظر «فتح الباري» (١٣/ ٤٦١).
(٣) أخرجه أحمد (٥/ ٢٠) والنسائي (٧/ ٣١٥) وأبو داود (٣٣٤١) وضعفه الألباني.
(٤) أخرجه أبو نعيم في «الحلية» (٤/ ٢٠٢) وإسناده ضعيف.

<<  <  ج: ص:  >  >>