للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وذكر ابن المبارك قال: أخبر سفيان، أن ابن عباس قال: «إذا رأيتم بالرجل الموت فبشّروه ليلقى ربّه وهو حسن الظن به، وإذا كان حيّا فخوّفوه بربه ﷿» (١).

وقال الفضيل: «الخوف أفضل من الرجاء ما كان العبد صحيحا، فإذا نزل به الموت؛ فالرجاء أفضل من الخوف».

وذكر ابن أبي الدنيا، قال: حدثنا يحيى بن عبد الله البصري، قال: حدثنا سوار بن عبد الله، قال: حدثنا المعتمر، قال: قال أبي حين حضرته الوفاة: «يا معتمر حدّثني بالرخص لعلي ألقى الله وأنا حسن الظن به» (٢).

قال: وحدثنا عمرو بن محمد الناقد، قال: حدثنا خلف بن خليفة، عن حصين، عن إبراهيم قال: «كانوا يستحبون أن يلقنوا العبد محاسن عمله عند الموت، حتى يحسن ظنه بربه ﷿» (٣).

وقال ثابت البناني: كان شاب به رهق، فلما نزل به الموت انكبّت عليه أمه وهي تقول: يا بني قد كنت أحذّرك مصرعك هذا، قال: يا أماه إن لي ربّا كثير المعروف، وإني لأرجو اليوم أن لا يعدمني بعض معروفه، فقال ثابت: فرحمه الله بحسن ظنه بالله في حاله تلك (٤).

وقال عمر بن ذر يوما في كلامه - وعنده ابن أبي داود وأبو حنيفة - أتعذبنا وفي أجوافنا التوحيد؟ لا أراك تفعل، اللهم اغفر لمن لم يزل على مثل حال السحرة في الساعات التي غفرت لهم، فإنهم قالوا: ﴿آمَنّا بِرَبِّ الْعالَمِينَ﴾ [الأعراف: ١٢١] فقال أبو حنيفة: رحمك الله القصص بعدك حرام.

وكان يحيى بن زكريا إذا لقي عيسى ابن مريم . عبس، وإذا لقيه عيسى تبسّم، فقال له عيسى: «تلقاني عابسا كأنك آيس»؟ فقال له يحيى:

«تلقاني ضاحكا كأنك آمن»؟ فأوحى الله إليهما: «إن أحبّكما إلي أحسنكما ظنّا بي» ذكره الطبري.

وقال زيد بن أسلم: «يؤتى بالرجل يوم القيامة»، فيقال: انطلقوا به إلى النار فيقول: يا رب فأين صلاتي وصيامي؟ فيقول الله تعالى: «اليوم أقنطك من رحمتي كما كنت تقنط عبادي من رحمتي».


(١) أخرجه ابن المبارك في «الزهد» رقم (٤٤١).
(٢) أخرجه ابن أبي الدنيا في كتاب «حسن الظن بالله» رقم (٢٩).
(٣) المصدر السابق رقم (٣٠).
(٤) المصدر السابق رقم (٣٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>