للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نعيم الحافظ، عن عطاء الخراساني قال: إن لجهنم سبعة أبواب، أشدها غما وكربا وحرا وأنتنها ريحا للزناة الذين ارتكبوا بعد العلم (١).

وروى سلام الطويل، عن أبي سفيان، عن أنس بن مالك، عن النبي في قول الله تعالى: ﴿لَها سَبْعَةُ أَبْوابٍ﴾ الآية: جزء أشركوا بالله، وجزء شكّوا في الله، وجزء غفلوا عن الله، وجزء آثروا شهواتهم على الله، وجزء شفوا غيظهم بغضب الله، وجزء صيّروا رغبتهم بحظهم عن الله، وجزء عتوا على الله.

ذكره الحليمي أبو عبد الله الحسن بن الحسين في كتاب «منهاج الدين» له.

وقال: فإن كان ثابتا فالمشركون بالله هم الثنوية، والشاكون هم الذين لا يدرون أن لهم إلها أو لا إله لهم، أو يشكّون في شريعته أنها من عنده أو لا، والغافلون عن الله هم الذين يجحدونه أصلا، ولا يثبتونه وهم الدهرية، والمؤثرون شهواتهم على الله هم المنهمكون في المعاصي لتكذيبهم رسل الله وأمره ونهيه، والشافون غيظهم بغضب الله تعالى هم القاتلون أنبياء الله وسائر الداعين له، المعذّبون من ينصح لهم أو يذهب غير مذهبهم، والمصيّرون رغبتهم بحظّهم من الله تعالى هم المنكرون للبعث والحساب منهم، يعبدون أي شيء يرغبون فيه لهم جميع حظهم من الله تعالى، والعاتون على الله هم الذين لا يبالون بأن يكون ما هم فيه حقا أو باطلا، فلا يتفكّرون ولا يعتبرون ولا يستدلون، والله أعلم بما أراد رسوله إن كان الحديث ثابتا.

وقال بلال: كان النبي يصلي في مسجد المدينة حده، فمرّت به أعرابية فصلّت خلفه، ولم يعلم بها، فقرأ رسول الله هذه الآية: ﴿لَها سَبْعَةُ أَبْوابٍ لِكُلِّ بابٍ مِنْهُمْ جُزْءٌ مَقْسُومٌ﴾، فخرّت الأعرابية مغشيا عليها، وسمع رسول الله وجبتها فانصرف، ودعا بماء فصبّ على وجهها، حتى أفاقت وجلست، فقال النبي : يا هذه! ما لك؟ فقالت: هذا شيء من كتاب الله، أو شيء من تلقاء نفسك؟! فقال: يا أعرابية؛ بل هو من كتاب الله المنزّل، فقالت: كل عضو من أعضائي يعذّب على باب منها؟ قال: يا أعرابية، بل لكلّ باب منهم جزء مقسوم، يعذّب أهل كل باب على قدر أعمالهم. فقالت: والله إني امرأة مسكينة لا مال لي، ولا لي إلا سبعة أعبد، أشهدك يا رسول الله أن كل عبد منهم على باب من أبواب جهنم حرّ لوجه الله تعالى، فأتاه جبريل فقال: يا رسول الله؛ بشّر الأعرابية أن الله قد غفر لها، وحرّم عليها أبواب جهنم كلّها، وفتح لها أبواب الجنة كلها، والله أعلم.

***


(١) أخرجه أبو نعيم في «الحلية» (٥/ ١٩٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>