للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقالوا: كنا متكبرين. ورجال قد شقت بطونهم يسحبون أمعاءهم في النار، فقال لهم أهل النار: ما بالكم من بين أهل النار فعل بكم هذا؟ قالوا: كنا نقتطع حقوق الناس بأيماننا وأمانتنا. ورجال يسعون بين الجحيم والحميم لا يقرون، قيل لهم:

ما بالكم من بين أهل النار فعل بكم هذا؟ قالوا: كنا نسعى بين الناس بالنميمة (١).

أخبرنا إسماعيل بن عياش، حدثني ثعلبة بن مسلم، عن أيوب بن بشير العجلي، عن شفي بن ماتع الأصبحي، عن رسول الله قال: «أربعة يؤذون أهل النار على ما بهم من الأذى، يسعون بين الجحيم والحميم يدعون بالويل والثبور، يقول أهل النار بعضهم لبعض: ما بال هؤلاء قد آذونا على ما بنا من الأذى؟ قال: فرجل مغلق عليه تابوت من جمر، ورجل يجر أمعاءه، ورجل يسيل فوه قيحا دما، ورجل يأكل لحمه. قال فيقال لصاحب التابوت: ما بال الأبعد قد آذانا على ما بنا من الأذى؟ قال فيقول: إن الأبعد مات وفي عنقه أموال الناس لم يجد لها قضاء، أو قال وفاء. ثم يقال للذي يجر أمعاءه: ما بال الأبعد قد آذانا على ما بنا من الأذى؟ قال فيقول: إن الأبعد كان لا يبالي أين أصاب البول منه ثم لا يغسله.

ثم يقال للذي يسيل فوه دما وقيحا: ما بال الأبعد قد آذانا على ما بنا من الأذى؟ قال فيقول: إن الأبعد كان ينظر في كلّ كلمة قذيعة خبيثة فيذيعها، يستلذها ويستلذ الرفث بها، ثم يقال للذي يأكل لحمه: ما بال الأبعد قد آذانا على ما بنا من الأذى؟ قال فيقول: إن الأبعد كان يأكل لحوم الناس ويمشي بالنميمة» (٢).

خرّجه أبو نعيم الحافظ وقال: تفرد به إسماعيل بن عياش، وشفي مختلف فيه، فقيل: له صحبة.

قلت: وقد تقدّم حديث البخاري الطويل عن سمرة بن جندب، وحديث ابن عباس وأبي هريرة وابن مسعود، في باب ما يكون منه في عذاب القبر، وحديث أبي هريرة في الذين تسعّر بهم جهنم، وغير ذلك مما تقدم في هذا الباب، فتأمل ذلك.

وقد تقدم أن من ادّان أموال الناس في غير سفه ولا إسراف ولم يجد قضاء، ونيته الأداء ومات؛ أن الله لا يحبسه عن الجنة ولا يعذّبه، بل يرضي عنه خصماءه، إن شاء الله. ويكون الجميع في رحمته بكرمه وفضله، فأما من ادّانها لينفقها في المعاصي ثم لا يقدر على الأداء، فلعله الذي يعذب.

***


(١) أخرجه ابن المبارك في زوائد «الزهد» (٣٢٧).
(٢) أخرجه ابن المبارك في زوائد «الزهد» (٣٢٨) والطبراني في «الكبير» (٧ /رقم: ٧٢٢٦) وأبو نعيم في «الحلية» (٥/ ١٦٧، ١٦٨) وابن أبي الدنيا في «الصمت» (١٨٦)، وإسناده ضعيف.

<<  <  ج: ص:  >  >>