للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بسرعة نبات تلك الحبة، وفي التنزيل: ﴿أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَتُصْبِحُ الْأَرْضُ مُخْضَرَّةً﴾ [الحج: ٦٣].

وقوله: «وأطولهم مكثا من يمكث فيها مثل الدنيا منذ خلقت إلى يوم أفنيت، وذلك سبعة آلاف سنة».

اختلف في انقضاء هذا العالم، وفي مدة الدنيا، وأكثر المنجّمون في ذلك، فقال بعضهم: عمر الدنيا سبعة آلاف سنة بعدد النجوم السيارة، لكل واحد ألف سنة. وقال بعضهم: بأنها اثنتا عشرة ألف سنة بعدد البروج، لكل ألف سنة. وقال بعضهم: بأنها ثلاثمائة وستون ألف سنة بعدد درجات الفلك، لكل درجة ألف سنة.

وقوله: «إلا رجلا واحدا يمكث فيها ألف سنة، ثم ينادي: يا حنان يا منان»؛ الحنان: الذي يقبل على من أعرض عنه (١)، والمنان: الذي يبدأ بالنوال قبل السؤال، لا إله إلا هو (٢). روي ذلك عن علي . وقد ذكرنا في كتاب «الأسنى في شرح أسماء الله الحسنى وصفاته العليا» مستوفى والحمد لله. وقد تقدم الكلام في نحو ذلك الاسم عنهم، فلا معنى لإعادته.

وقوله: «وينساهم على عرشه»؛ أي: يتركهم في العذاب، كما قال: ﴿نَسُوا اللهَ فَنَسِيَهُمْ﴾ [التوبة: ٦٧] أي: تركوا عبادته وتوحيده فتركهم. والعرش في كلام العرب له محامل كثيرة، قد أتينا عليها في كتاب «الأسنى في شرح أسماء الله الحسنى» منها: الملك، كما قال زهير:

تداركتما عبسا وقد ثلّ عرشها … وذبيان إذ زلّت بأقدامها النعل

وقال آخر:

بعد ابن جفنة وابن هاتك عرشه … والحارثين يؤمّلون فلاحا

وتقول العرب: ثلّ عرش فلان؛ إذا ذهب عزه وسلطانه وملكه. فالمعنى:

وينساهم الرحمن على عرشه، أي: بما هو عليه من الملك والسلطان والعظمة والجلال، لا يعبأ بهم، ولا يلتفت إليهم لما حكم به في الأزل عليهم من خلودهم في النار، ولا يدخلون الجنة حتى يلج الجمل في سمّ الخياط.

وأجمع أهل السنة على أن أهل النار مخلّدون فيها غير خارجين منها، كإبليس، وفرعون، وهامان، وقارون، وكل من كفر وتكبّر وطغى؛ فإن له جهنم لا


(١) انظر في معنى هذا الاسم: «النهج الاسمي في شرح أسماء الله الحسنى» لمحمد الحمود النجدي (٣/ ٧٥ - وما بعدها).
(٢) المصدر السابق (٣/ ٨١ - وما بعدها).

<<  <  ج: ص:  >  >>