إنه كان رجل ممن كان قبلكم تعبّد، فعلقت به امرأة غويّة، فأرسلت إليه جاريتها فقالت له: إنا ندعوك للشهادة، فانطلق مع جاريتها فطفقت الجارية كلما دخل بابا أغلقته دونه، حتى أفضت إلى امرأة وضيئة - أي جميلة - عندها غلام وباطية خمر فقالت: إني والله ما دعوتك للشهادة، ولكن دعوتك لتقع عليّ، أو تشرب من هذه الخمر كأسا، أو تقتل هذا الغلام قال: فاسقيني من هذه الخمر؟ فسقته كأسا قال: زيدوني، فلم يزل يشرب حتى وقع عليها وقتل الغلام. فاجتنبوا الخمر فإنه والله لا يجتمع الإيمان وإدمان الخمر، إلا ليوشك أن يخرج أحدهما صاحبه» (١).
ويروى أن رجلا أسيرا مسلما، وكان حافظا للقرآن، خصّ بخدمة راهبين، فحفظا منه آيات كثيرة لكثرة تلاوته، فأسلم الراهبان وتنصّر المسلم.
وقيل له: ارجع إلى دينك فلا حاجة لنا فيمن لم يحفظ دينه. قال: لا أرجع إليه أبدا فقتل، وفي الخبر قصته، والحكايات كثيرة في هذا الباب نسأل الله السلامة والممات على الشهادة.
وأنشد بعضهم:
قد جرت الأقلام في ذي الورى … بالختم من أمر الحكيم العليم
فمن سعيد وشقي ومن … مثر من المال وعار عديم
ومن عزيز رأسه في السّها … ومن ذليل وجهه في التخوم
ومن صحيح شيدت أركانه … وآخر واهي المباني سقيم
كلّ على منهاجه سالك … ذلك تقدير العزيز العليم
وقال الربيع: سئل الشافعي عن القدر فأنشأ يقول:
ما شئت كان وإن لم أشأ … وما شئت إن لم تشأ لم يكن
خلقت العباد على ما علمت … ففي العلم يجري الفتى والمسن
على ذا مننت وهذا خذلت … وهذا أعنت وذا لم تعن
فمنهم شقيّ ومنهم سعيد … ومنهم قبيح ومنهم حسن
ومنهم غنيّ ومنهم فقير … وكلّ بأعماله مرتهن
***
(١) أخرجه النسائي (٨/ ٣١٥) موقوفا على عثمان ﵁ وصححه الألباني في «صحيح سنن النسائي» (٥٢٣٦).