وذكر ابن وهب قال: أخبرنا هشام بن سعد، عن زيد بن أسلم؛ أن رسول الله ﷺ قال:«إن خلق أهل الجنة إذا دخلوا الجنة ستّون ذراعا كالنخلة السّحوق يأكلون من ثمار الجنة قياما»(١).
وذكر يحيى بن سلام، عن عثمان، عن نعيم بن عبد الله، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله ﷺ: «والذي نفسي بيده إن أهل الجنة ليتناولون من قطوفها وهم متكئون على فراشهم فما تصل إلى أحدهم حتى يبدل مكانها أخرى».
قوله تعالى: ﴿يُطافُ عَلَيْهِمْ بِصِحافٍ مِنْ ذَهَبٍ وَأَكْوابٍ﴾ [الزخرف: ٧١] روي عن النبي ﷺ أنه قال: «إن أدنى أهل الجنة منزلة الذي يقوم على رأسه عشرة آلاف خادم بيد كل خادم صحفتان واحدة ذهب والأخرى فضة، في كل واحدة لون لا يشبه الأخرى».
ذكره القتبي في «عيون الأخبار».
وقال المفسّرون: يطوف على أدناهم منزلة سبعون ألف غلام بسبعين ألف صحفة من ذهب، يغدى عليه بها في كل واحدة منها لون ليس في صاحبتها، يأكل من آخرها كما يأكل من أولها، ويجد طعم آخرها كما يجد طعم أولها، لا يشبه بعضه بعضا.
وأكواب: أي: ويطاف عليهم بأكواب كما قال تعالى: ﴿وَيُطافُ عَلَيْهِمْ بِآنِيَةٍ مِنْ فِضَّةٍ وَأَكْوابٍ﴾ [الإنسان: ١٥] قال قتادة: الكوب: المدور القصير العنق القصير العروة، والإبريق المستطيل الطويل العنق الطويل العروة.
وقال ابن عزيز: أكواب: أباريق لا عرى لها ولا خراطيم واحدها كوب، قاله الأخفش وقطرب. وقال الجوهري في «الصحاح»: الكوب: كوز لا عروة له، ونحوه قول مجاهد والسدي، وهو مذهب أهل اللغة؛ التي لا آذان لها ولا عرى.
﴿وَأَكْوابٍ كانَتْ قَوارِيرَا * قَوارِيرَا مِنْ فِضَّةٍ﴾ [الإنسان: ١٥، ١٦] أي: اجتمع فيها صفاء القوارير في بياض الفضة، وذلك أن لكل قوم من تراب أرضهم قوارير، قال: وإن تراب الجنة فضة فهي قوارير من فضة، قاله ابن عباس. وقال: هي في صفاء الفضة، وفي ذلك دليل على أن أرض الجنة من فضة، إذ المعهود في الدنيا اتخاذ الآنية من الأرض، يرى باطنها من ظاهرها وظاهرها من باطنها، كالقوارير يرى الشراب من جدر القوارير، وهذا لا يكون في فضة الدنيا.