للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الفضة يختمون به آخر شربتهم لو أن رجلا من أهل الدنيا أدخل يده ثم أخرجها لم يبق ذو روح إلا وجد ريح طيبها (١).

أي: في الدنيا بالأعمال الصالحة. قال ﴿وَمِزاجُهُ مِنْ تَسْنِيمٍ﴾ أي: مزاج ذلك الشراب.

﴿عَيْناً يَشْرَبُ بِهَا الْمُقَرَّبُونَ﴾ [المطففين: ٢٨] قال قتادة: يشرب بها المقربون صرفا وتمزج لسائر أهل الجنة، ﴿مِنْ تَسْنِيمٍ﴾ [المطففين: ٢٧] أشرف شراب في الجنة، وأصل التسنيم في اللغة: الارتفاع، فهي عين ماء تجري من علو إلى أسفل، ومنه سنام البعير لعلوه من بدنه، وكذلك تسنيم القبور، وقد تسنم العيون والمياه، فتشرف عليهم تجري من أعلى العرش، يحقق ذلك ما رواه أبو مقاتل، عن صالح بن سعيد، عن أبي سهل، عن الحسن بن علي، قال: قال رسول الله : «أربع عيون في الجنة عينان تجريان من تحت العرش إحداهما التي ذكرها الله ﴿يُفَجِّرُونَها تَفْجِيراً﴾ [الإنسان: ٦] والأخرى ﴿نَضّاخَتانِ﴾ [الرحمن: ٦٦] من فوق العرش. إحداهما التي ذكرها الله سلسبيلا والأخرى التسنيم» (٢). ذكره الترمذي الحكيم «في نوادر الأصول» في الأصل التاسع والثمانين وقال: التسنيم للمعذبين خاصة شربا لهم. والكافور للأبرار شربا لهم.

والكافور يمزج للأبرار، من التسنيم شرابهم، وأما الزنجبيل والسلسبيل فللأبرار منها مزاج، هكذا ذكره في التنزيل، وسكت عن ذلك لمن هي له شرب، فما كان للأبرار مزاجا فهو للمقربين صرفا، وما كان للأبرار صرفا فهو لسائر أهل الجنة مزاجا، والأبرار: هم الصادقون، والمقربون هم الصدّيقون.

قال الحسن: خمر الجنة أشد بياضا من اللبن وأحلى من العسل. وفي التنزيل: ﴿بِكَأْسٍ مِنْ مَعِينٍ * بَيْضاءَ لَذَّةٍ لِلشّارِبِينَ﴾ [الصافات: ٤٥، ٤٦] أي: لذيذة، يقال شراب لذيذ إذا كان طيبا. قوله تعالى: ﴿وَعِنْدَهُمْ قاصِراتُ الطَّرْفِ﴾ [ص: ٥٢] أي:

نساء قد قصرن طرفهن على أزواجهن، فلا ينظرن إلى غيرهم. قال ابن زيد: إن المرأة منهنّ تقول لزوجها: وعزّة ربي ما أرى في الجنة شيئا أحسن منك. و ﴿عِينٌ﴾ [الصافات: ٤٨]: عظام العيون، الواحدة منها عيناء. ﴿كَأَنَّهُنَّ بَيْضٌ مَكْنُونٌ﴾ [الصافات: ٤٩] أي: مصون.

وقال الحسن وابن زيد: شبّههنّ ببيض تكنها النعامة بالريش من الريح والغبار، فلونه أبيض في صفرة وهو أحسن ألوان النساء. قيل: المراد بالبيض:


(١) أخرجه ابن المبارك في زوائد «الزهد» (٢٧٦) وابن جرير في «تفسيره» (٣٠/ ٥٨).
(٢) إسناده ضعيف جدا.

<<  <  ج: ص:  >  >>