وقال الترمذي الحكيم: إن الرفرف شيء إذا استوى عليه صاحبه رفرف وأهوى به كالمرجاح يمينا وشمالا ورفعا وخفضا، يتلذذ به مع أنيسته، فإذا ركبوا الرفارف أخذ إسرافيل في السماع، فيروى في الخبر أنه ليس أحد من خلق الله أحسن صوتا من إسرافيل، فإذا أخذ في السماع قطع على أهل سبع سماوات صلاتهم وتسبيحاتهم، فإذا ركبوا الرفارف أخذ إسرافيل في السماع بأنواع الأغاني تسبيحا وتقديسا للملك القدوس فلم تبق شجرة في الجنة إلا وردت، ولم يبق ستر ولا باب إلا ارتج وانفتح، ولم تبق حلقة على باب إلا طنت بأنواع طنينها، ولم يبق أجمة من آجام الذهب إلا وقع أهبوب الصوت في مقاصبها، فزمرت تلك المقاصب بفنون الزمر، ولم تبق جارية من جواري الحور العين إلا غنت بأغانيها، والطير بألحانها، ويوحي الله ﵎ إلى الملائكة أن جاوبوهم وأسمعوا عبادي الذين نزهوا أسماعهم عن مزامير الشيطان، فيجاوبون بألحان وأصوات روحانية، فتختلط هذه الأصوات فتصير رجة واحدة، ثم يقول الله ﷿ ذكره: يا داود قم عند ساق العرش تجدني، فيندفع داود بتمجيد ربه بصوت يعم الأصوات ويجليها وتتضاعف اللذة وأهل الخيام من تلك الرفارف تهوي بهم وقد حفت بهم أفانين اللذات والأغاني، فذلك قوله تعالى: ﴿فَهُمْ فِي رَوْضَةٍ يُحْبَرُونَ﴾ [الروم: ١٥].
وعن يحيى بن أبي كثير في قوله تعالى: ﴿فَهُمْ فِي رَوْضَةٍ يُحْبَرُونَ﴾ قال:
الروضة: اللذات والسماع، قوله تعالى: ﴿وَعَبْقَرِيٍّ حِسانٍ﴾ [الرحمن: ٧٦] العبقري: الفرش له، قال ابن عباس: الواحدة عبقرة؛ وهي النمارق، أيضا في قوله تعالى: ﴿وَنَمارِقُ مَصْفُوفَةٌ * وَزَرابِيُّ مَبْثُوثَةٌ﴾ [الغاشية: ١٥، ١٦] والزرابي: البسط، مبثوثة:
مبسوطة، وقيل: أي: منسوجة بالدر والياقوت، وقوله تعالى: ﴿وَأَصْحابُ الْيَمِينِ ما أَصْحابُ الْيَمِينِ﴾ [الواقعة: ٢٧] يعني: أهل الجنة من غير السابقين، وأهل الجنة كلهم أصحاب يمين. ﴿فِي سِدْرٍ مَخْضُودٍ﴾ [الواقعة: ٢٨] وهو الذي نزع شوكه، وقد تقدم.
﴿وَطَلْحٍ مَنْضُودٍ﴾ [الواقعة: ٢٩] أي: بعضه على بعض، وقال المفسرون: الطلح:
شجر الموز هاهنا، وهو عند العرب شجر حسن اللون لخضرته، وإنما خصّ بالذكر لأن قريشا كانوا يتعجبون من خضرته وكثرة ظلاله من طلح وسدر، فخوطبوا ووعدوا لما يحبون مثله، قاله مجاهد وغيره.
قوله تعالى: ﴿وَلَهُمْ فِيها أَزْواجٌ مُطَهَّرَةٌ﴾ [البقرة: ٢٥] قال مجاهد: مطهرة من البول والغائط والحيض والنخام والبصاق والمني والولد.
ذكره ابن المبارك؛ أنبأنا ابن جريج عن مجاهد فذكره.
﴿وَهُمْ فِيها خالِدُونَ﴾ [البقرة: ٢٥] أي: باقون لا خروج لهم منها وقد تقدم.