للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال الإمام أحمد بن حنبل: حدثنا عبد الرحمن بن مهدي، حدثنا حماد بن سلمة، عن عمار بن أبي عمار، عن ابن عباس قال: رأيت رسول الله نصف النهار أشعث أغبر معه قارورة فيها دم يلتقطه ويتتبعه فيها. قال: قلت: يا رسول الله؛ ما هذا؟ قال دم الحسين وأصحابه لم أزل أتبعه منذ اليوم. قال عمار: فحفظنا ذلك اليوم فوجدناه قتل ذلك اليوم (١). وهذا سند صحيح لا مطعن فيه.

وساق القوم حرم رسول الله كما تساق الأسرى حتى إذا بلغوا بهم الكوفة، خرج الناس فجعلوا ينظرون إليهم، وفي الأسارى علي بن الحسين وكان شديد المرض قد جمعت يداه إلى عنقه، وزينب بنت علي وبنت فاطمة الزهراء وأختها أم كلثوم، وفاطمة وسكينة بنت الحسين، وساق الظلمة والفسقة معهم رؤوس القتلى.

روى قطر، عن منذر الثوري، عن محمد بن الحنفية قال: قتل مع الحسين سبعة عشر رجلا كلهم من ولد فاطمة عليها الصلاة والسلام.

وذكر أبو عمر بن عبد البر عن الحسن البصري قال: أصيب مع الحسين بن علي ستة عشر رجلا من أهل بيته، ما على وجه الأرض لهم يومئذ شبيه.

وقيل: إنه قتل مع الحسين من ولده وإخوته وأهل بيته ثلاثة وعشرون رجلا.

وفي صحيح البخاري في المناقب عن أنس بن مالك: أتى عبيد الله بن زياد برأس الحسين، فجعل في طست فجعل ينكت وقال في حسنه شيئا، فقال أنس:

كان أشبههم برسول الله وكان مخضوبا بالوسمة (٢).

يقال: نكت في الأرض؛ إذا أثّر فيها، ونكت بالحصباء إذا ضرب بها. وكان الفاسق يؤثر في رأسه المكرم بالقضيب. وأمر عبيد الله ابن زياد من قوّر الرأس حتى ينصب في الرمح، فتحاماه أكثر الناس فقام رجل يقال له: طارق بن المبارك - بل هو ابن المشئوم الملعون المذموم - فقوّره ونصبه بباب دار عبيد الله، ونادى في الناس وجمعهم في المسجد الجامع، وخطب خطبة لا يحل ذكرها، ثم دعا بزياد ابن حر بن قيس الجعفي فسلّم إليه رأس الحسين ورؤوس إخوته وبنيه وأهل بيته وأصحابه، ودعي بعلي بن الحسين فحمله وحمل عماته وأخواته إلى يزيد على محامل بغير وطاء، والناس يخرجون إلى لقائهم في كل بلد ومنزل حتى قدموا دمشق ودخلوا من باب توما، وأقيموا على درج باب المسجد الجامع، حيث يقام


(١) أخرجه أحمد (١/ ٢٤٢) بإسناد صحيح.
(٢) أخرجه البخاري (٣٧٤٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>