الكوفة، واستخلف على المدينة عبيد الله بن عبد مدان الحارثي، فأتى بسر فقتله وقتل ابنه ولقي ثقل عبيد الله بن العباس، وفيه ابنان صغيران لعبيد الله بن عباس، فقتلهما ورجع إلى الشام.
وذكر أبو عمرو الشيباني قال: لما وجه معاوية بسر بن أرطاة لقتل شيعة علي ﵁ سار إلى أن أتى المدينة، فقتل ابني عبيد الله بن العباس، وفر أهل المدينة حتى دخلوا الحرة حرّة بني سليم، وهذه الخرجة التي ذكر أبو عمرو الشيباني أغار بسر على همدان فقتل وسبى نساءهم فكن أول نساء سبين في الإسلام، وقتل أحياء من بني سعد. وقد اختلفوا كما ترى في أي موضع قتل الصغيرين من أهل البيت، هل في المدينة أو في مكة أو في اليمن، لأنه دخل هذه البلاد وأكثر فيها الفساد، وأظهر لعلي ﵁ العناد، وأفرط في بغضه وزاد، وسلّط على أهل البيت الكريم الأجناد، فقتل وسبى وأباد، ولم يبق إلا أن يخدّ الأخاديد ويقد الأوتاد، وكان معاوية قد بعثه في سنة أربعين إلى اليمن، وعليها عبيد الله بن العباس أخو عبد الله بن العباس، ففر عبيد الله وأقام بسر باليمن، وباع دينه ببخس من الثمن فأخاف السبيل، ورعى المرعى الوبيل، وباع المسلمات، وهتك الحرمات، فبعث علي ﵁ في طلبه حارثة بن قدامة السعدي فهرب بسر إلى الشام، وقد ألبس بذميم أفعاله ثياب العار والذمام، وبقي الوقوف بين يدي الملك العلام يوم ﴿يُعْرَفُ الْمُجْرِمُونَ بِسِيماهُمْ فَيُؤْخَذُ بِالنَّواصِي وَالْأَقْدامِ﴾. ورجع الشريف أبو عبد الله محمد إلى بلاد اليمن، فلم يزل واليا عليهم حتى قتل علي ﵁.
ويقال: إن بسر بن أرطاة لم يسمع من النبي ﷺ حرفا لأن رسول الله ﷺ قبض وهو صغير فلا تصح له صحبة، قاله الإمام أحمد بن حنبل ويحيى بن معين وغيرهما، وقال آخرون: خرف في آخر عمره قال يحيى بن معين: وكان رجل سوء، قال المؤلف ﵀: كذا ذكره الحافظ أبو الخطاب بن دحية ﵀.
وقد ذكر أبو داود، عن جنادة، عن ابن أبي أمية قال: كنا مع بسر بن أرطاة في البحر، فأتي بسارق يقال له منصور وقد سرق بختية، فقال: سمعت رسول الله ﷺ يقول: «لا تقطع الأيدي في الغزو»، ولولا ذلك لقطعته (١).
قال أبو محمد عبد الحق: بسر هذا يقال: ولد في زمن رسول الله ﷺ وكانت له أخبار سوء في جانب علي وأصحابه، وهو الذي ذبح طفلين لعبيد الله بن