للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كاملة كما أخذها ما نقص منها شيئا، فيأخذ المهدي تلك الأموال فيردها إلى بيت المقدس»، قال حذيفة: قلت: يا رسول الله؛ لقد كان بيت المقدس عند الله عظيما جسيم الخطر عظيم القدر. فقال رسول الله : «هو من أجلّ البيوت ابتناه الله لسليمان بن داود من ذهب وفضة ودر وياقوت وزمرد، وذلك أن سليمان بن داود سخّر الله له الجن فأتوه بالذهب والفضة من المعادن وأتوه بالجواهر والياقوت والزمرد من البحار يغوصون كما قال الله تعالى: ﴿كُلَّ بَنّاءٍ وَغَوّاصٍ﴾ [ص: ٣٧] فلما أتوه بهذه الأصناف بناه منها فجعل فيه بلاطا من ذهب وبلاطا من فضة وأعمدة من ذهب وأعمدة من فضة، وزيّنه بالدر والياقوت والزمرد وسخر الله تعالى له الجن حتى بنوه من هذه الأصناف». قال حذيفة: فقلت: يا رسول الله؛ وكيف أخذت هذه الأشياء من بيت المقدس؟ فقال رسول الله : «إن بني إسرائيل لما عصوا وقتلوا الأنبياء سلط الله عليهم بخت نصّر وهو من المجوس فكان ملكه سبعمائة سنة وهو قوله تعالى:

﴿فَإِذا جاءَ وَعْدُ أُولاهُما بَعَثْنا عَلَيْكُمْ عِباداً لَنا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجاسُوا خِلالَ الدِّيارِ وَكانَ وَعْداً مَفْعُولاً﴾ [الإسراء: ٥] فدخلوا بيت المقدس وقتلوا الرجال وسبوا النساء والأطفال وأخذوا الأموال وجميع ما كان في بيت المقدس من هذه الأصناف واحتملوها على سبعين ألف عجلة حتى أودعوها أرض بابل، وأقاموا يستخدمون بني إسرائيل ويستملكونهم بالخزي والعقاب والنكال مائة عام، ثم إن الله ﷿ رحمهم فأوحى الله إلى ملك من ملوك فارس أن يسير إلى المجوس في أرض بابل يستنقذ ما في أيديهم من بني إسرائيل، فسار إليهم ذلك الملك حتى دخل أرض بابل، فاستنقذ من بقي من بني إسرائيل من أيدي المجوس، واستنقذ دلك الحلي الذي كان في بيت المقدس ورده إليه كما كان أول مرة، وقال لهم:

يا بني إسرائيل؛ إن عدتم إلى المعاصي عدنا عليكم بالسبي والقتل، وهو قوله تعالى:

﴿عَسى رَبُّكُمْ أَنْ يَرْحَمَكُمْ وَإِنْ عُدْتُمْ عُدْنا﴾ [الإسراء: ٨] يعني إن عدتم إلى المعاصي عدنا عليكم بالعقوبة فلما رجعت بنو إسرائيل إلى بيت المقدس عادوا إلى المعاصي فسلط الله عليهم ملك الروم قيصر، وهو قوله تعالى: ﴿فَإِذا جاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ لِيَسُوؤُا وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ كَما دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُوا ما عَلَوْا تَتْبِيراً﴾ [الإسراء: ٧] فغزاهم في البر والبحر فسبقهم وقتلهم وأخذ كنيسة الذهب فهو فيها إلى الآن، حتى يأخذه المهدي ويرده إلى بيت المقدس ويكون المسلمون ظاهرين على أهل الشرك، فعند ذلك يرسل الله عليهم ملك الروم وهو الخامس من آل هرقل». على ما تقدم من تمام الحديث (١)، والله أعلم.

***


(١) لم أقف عليه، وظاهره النكارة، والله أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>