للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والبهم: جمع بهيمة، وأصلها صغار الضأن والمعز، وقد فسّره في الرواية الأخرى في قوله: رعاء الشاة، وقوله: وأن تلد الأمة ربّها، وفي رواية: ربتها تأنيث ربّ؛ أي: سيدها، وقال وكيع: هو أن تلد العجم العرب، ذكره ابن ماجه في السنن (١).

قال علماؤنا: وذلك بأن يستولي المسلمون على بلاد الكفر فيكثر التسرّي، فيكون ولد الأمة من سيدها بمنزلة سيدها لشرفه ومنزلته بأبيه، وعلى هذا فالذي يكون من أشراط الساعة استيلاء المسلمين واتساع خطتهم، وكثرة الفتوح، وهذا قد كان.

وقيل: هو أن يبيع السادات أمهات الأولاد ويكثر ذلك، فيتداول الملاك المستولدة فربما يشتريها ولدها ولا يشعر، فيكون ربها، وعلى هذا فالذي يكون من أشراط الساعة غلبة الجهل بتحريم بيع أمهات الأولاد وهم الجمهور.

وقيل: المراد أن يكثر العقوق في الأولاد فيعامل الولد أمه معاملة السيد أمته من الإهانة والسب، ويشهد لهذا ما جاء في حديث أبي هريرة المرأة مكان الأمة.

وقوله : «حتى يكون الولد غيظا». وسيأتي إن شاء الله تعالى.

قلت: وهذا ظاهر في الوجود من غير نكير مستفيض وشهير.

وقيل: إنما كان سيدها ربها لأنه كان سبب عتقها، كما قال في مارية: «أعتقها ولدها» (٢).

قلت: وقول خامس سمعت شيخنا الأستاذ المحدث النحوي المقرئ أبا جعفر أحمد بن محمد بن محمد القيسي القرطبي المعروف بابن حجة، يقوله غير مرة، وهو الإخبار عن استيلاء الكفار على بلاد المسلمين كما في هذه الأزمان التي قد استولى فيها العدو على بلاد الأندلس وخراسان وغيرهما من البلدان، فتسبى المرأة وهي حبلى أو ولدها صغير، فيفرق بينهما فيكبر الولد فربما يجتمعان ويتزوجها، كما قد وقع من ذلك كثير، فإنا لله وإنا إليه راجعون. ويدل على هذا قوله: «إذا ولدت المرأة بعلها»، وهذا هو المطابق للأشراط، مع قوله : «لا تقوم الساعة حتى تكون الروم أكثر أهل الأرض»، والله أعلم.

***


(١) رقم (٦٣).
(٢) أخرجه ابن ماجه (٢٥١٦)، وضعّفه الألباني.

<<  <  ج: ص:  >  >>