نحا ابن مسعود، وهو قول أكثر الناس، وعلى هذا تكون البطشة واللزام شيئا واحدا. قال ابن مسعود: البطشة الكبرى وقعة بدر. وقيل: هي يوم القيامة، وأصل البطش: الأخذ بشدة وقع الألم. واللزام في اللغة: الفصل في القضية، وفسّره ابن مسعود بأن ذلك كان يوم بدر، وهو يوم البطشة الكبرى في قوله أيضا.
وقيل: إن اللزام هو المذكور في قوله تعالى: ﴿فَسَوْفَ يَكُونُ لِزاماً﴾ [الفرقان: ٧٧] وهو العذاب الدائم.
وأما الدجال فيأتي ذكره في أبواب أخرى. وأما الدابة فهي التي قال الله تعالى: ﴿وَإِذا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ أَخْرَجْنا لَهُمْ دَابَّةً مِنَ الْأَرْضِ تُكَلِّمُهُمْ﴾ [القصص: ٨٢].
وذكر أهل التفسير: أنه خلق عظيم يخرج من صدع من الصفا، لا يفوتها أحد، فتسم المؤمن فتنير وجهه ويكتب بين عينيه مؤمن، وتسم الكافر فيسود وجهه ويكتب بين عينيه كافر، وروي عن عبد الله بن عمر ﵄ أن هذه الدابة هي الجساسة، على ما يأتي ذكرها في خبر الدجال، وروي عن ابن عباس أنها الثعبان الذي كان ببئر الكعبة فاختطفه العقاب، وسيأتي بيانها.
وأما قوله:«وآخر ذلك نار تخرج من اليمن» وفي الرواية الأخرى: «من قعر عدن» وفي الرواية الأخرى: «من أرض الحجاز»؛ قال القاضي عياض: فلعلهما ناران تجتمعان لحشر الناس، أو يكون ابتداء خروجهما من اليمن فظهورهما من الحجاز.
قلت: أما النار التي تخرج من أرض الحجاز فقد خرجت على ما تقدم القول فيها، وبقيت النار التي تسوق الناس إلى المحشر، وهي التي تخرج من اليمن، وقد مضى القول في الحشر، ويأتي القول في طلوع الشمس من مغربها.
فأما قول الله تعالى: ﴿اِقْتَرَبَتِ السّاعَةُ وَاِنْشَقَّ الْقَمَرُ﴾ فقد روي أن أهل مكة سألوا رسول الله ﷺ آية، فأراهم القمر منشقّا نصفين والجبل بينهما، فقال: اشهدوا ثبت هذا في الصحيحين وغيرهما (١).
ومن العلماء من قال: إنه ينشق، كقوله تعالى: ﴿أَتى أَمْرُ اللهِ﴾ [النحل: ١] أي: يأتي.
قال الحليمي أبو عبد الله في كتاب «منهاج الدين» له: فإن كان هذا فقد أتى، ورأيت ببخارى الهلال وهو ابن ليلتين منشقّا نصفين عرض كل واحد منهما كعرض القمر ليلة أربع أو خمس، وما زلت أنظر إليهما حتى اتّصلا كما كانا، ولكنهما في شكل واحد، شكل أترجّة ولم أمل طرفي عنهما إلى أن غابت، وكان معي ليلتئذ