وقوله:«يا عباد الله فاثبتوا»، يعني: على الإسلام، يحذرهم من فتنته لأنه يأمر السماء فتمطر والأرض فتنبت.
وقوله:«فاقدروا له قدره»؛ قال القاضي عياض: هذا حكم مخصوص بذلك اليوم شرعه لنا صاحب الشرع، ولو وكلنا فيه لاجتهادنا لكانت الصلاة فيه عن الأوقات المعروفة في غيره من الأيام.
قلت: وكذلك الأيام القصار الحكم فيها أيضا ما حكمه صاحب الشرع. وقد حمل بعض العلماء أن هذه الأيام الطوال ليست على ظاهرها، وإنما هي محمولة على المعنى، أي: يهجم عليكم غم عظيم لشدة البلاء وأيام البلاء طوال، ثم يتناقص ذلك الغم في اليوم الثاني ثم يتناقص في اليوم الثالث، ثم يعتاد البلاء كما يقول الرجل: اليوم عندي سنة ومنه قولهم:
وليل المحبّ بلا آخر
وقال آخر:
وأيام لنا غرّ طوال … عصينا الملك فيها أن ندينا
وهذا القول يرده قولهم:«أتكفينا فيه صلاة يوم وليلة؟ قال: لا، اقدروا له قدره». والمعنى: قدروا الأوقات للصلوات، وكذلك لا التفات لطعنه في صحة هذه الألفاظ، أعني قوله:«أتكفينا فيه صلاة يوم قال: لا، اقدروا له قدره»، فقال:
هذا عندنا من الدسائس التي كادنا بها ذوو الخلاف علينا، ولو كان صحيحا لاشتهر على ألسنة الرواة كحديث الدجال، ولو كان لقوة اشتهاره لكان أعظم وأفظع من طلوع الشمس من مغربها.
والجواب: أن هذه الألفاظ صحيحة حسب ما ذكره مسلم وحسبك به إماما، وقد ذكرها الترمذي من حديث النواس أيضا وقال: حديث حسن صحيح، وخرجها أبو داود أيضا وابن ماجه من حديث أبي أمامة، وقاسم بن أصبغ من حديث جابر، وهؤلاء أئمة أجلة من أئمة أهل الحديث، وتطرق إدخال المخالفين الدسائس على أهل العلم والتحرز، والثقة بعيد لا يتلفت إليه، لأن يؤدي إلى القدح في أخبار الآحاد، ثم إن ذلك في زمن خرق العادات، وهذا منها.
وقوله:«ممحلين» أي: مجدبين، ويروى: أزلين، والمحل والأزل والقحط والجدب بمعنى واحد ويعاسيب النحل فحولها، واحدها يعسوب، وقيل: أمراؤها.
ووجه التشبيه أن يعاسيب النحل يتبع كل واحد منهم طائفة من النحل فتراها جماعات في تفرقة، فالكنوز تتبع الدجال كذلك.