للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأكلب الرجل إذا أكلبت إبله، والكلب شبيه بالجنون، وقال جميعه الجوهري.

وقال القتال الكلابي:

أهابوا به فازداد بعد وصدّه … عن القرب منهم ضوء برق ووابله

يعني فصل السهم.

فأخبر أنه يدعو الأرواح التي يتوفاها الله ويقبضها.

وفي الخبر: «أن ملك الموت جالس وبين يديه صحيفة يكتب فيها له في ليلة النصف من شعبان». وهي الليلة التي يفرق فيها كل أمر حكيم من الأرزاق والآجال في قول بعض العلماء كعكرمة وغيره. والصحيح أن الليلة التي يفرق فيها كل أمر حكيم ليلة القدر من شهر رمضان، وهو قول قتادة والحسن ومجاهد وغيرهم، يدل عليه قوله تعالى: ﴿حم * وَالْكِتابِ الْمُبِينِ * إِنّا أَنْزَلْناهُ﴾ [الدخان: ١ - ٣] يعني القرآن ﴿فِي لَيْلَةٍ مُبارَكَةٍ﴾ [الدخان: ٣] يعني ليلة القدر، وهذا بيّن (١).

وقال ابن عباس: إن الله تعالى يقضي الأقضية في ليلة النصف من شعبان، ويسلّمها إلى أربابها في ليلة القدر (٢). وكان هذا جمعا بين القولين والله أعلم.

فإذا انقضى عمر ذلك الشخص الذي حان قبض روحه، سقطت ورقة من سدرة المنتهي التي فيها اسمه على اسمه في الصحيفة، فعرف أن قد فرغ أجله وانقطع أكله.

وفي الخبر؛ أن ملك الموت تحت العرش يسقط عليه صحائف من يموت من تحت العرش. الصحف هنا ورق السدرة. والله أعلم.

وكما في الخبر قبله: فإذا نظر إلى الإنسان، قد نفد رزقه وانقطع أكله، ألقى عليه سكرات الموت، فغشيته كرباته، وأدركته سكراته.

وفي خبر الإسراء عن ابن عباس عن النبي ، قال: «مررت على ملك آخر جالس على كرسي، إذا جميع الدنيا ومن فيها بين ركبتيه، وبيده لوح مكتوب ينظر فيه، لا يلتفت عنه يمينا ولا شمالا، فقلت: يا جبريل من هذا؟ قال: هذا ملك الموت فقلت:

يا ملك الموت! كيف تقدر على قبض جميع أرواح من في الأرض برّها وبحرها؟ قال:

ألا ترى أن الدنيا كلها بين ركبتي، وجميع الخلائق بين عيني، ويداي تبلغان المشرق والمغرب؟ فإذا نفد أجل عبد نظرت إليه، فإذا نظرت إليه عرف أعواني من الملائكة أنه


(١) انظر «الجامع لأحكام القرآن» للمصنف (١٦/ ١٢٦ - ١٢٨). وقال الحافظ ابن كثير في «تفسيره» (٤/ ١٧٣): «من قال أنها ليلة النصف من شعبان فقد أبعد النجعة».
(٢) لم أقف عليه.

<<  <  ج: ص:  >  >>