ابن سعد-، ووهم همام في لفظه على ما جزم أبو داود وغيره، وهذا وجه حكمه
عليه بكونه منكراً. قال: وحكم النسائي عليه بكونه غير محفوظ أصوب؛ فإنه
شاذ في الحقيقة، إذ المنفرد به من شرط الصحيح؛ لكنه بالمخالفة صار حديثه شاذاً.
قال: وأما متابعة يحيى بن المتوكل له عن ابن جريج؛ فقد تفيد، لكن يحيى بن
معين قال فيه: لا أعرفه. أي: أنه مجهول العدالة. وذكره ابن حبان في
" الثقات "، وقال: كان يخطئ. قال: على أن للنظر مجالاً في تصحيح حديث
همام؛ لأنه مبني على أن أصله حديث الزهري في اتخاذ الخاتم، ولا مانع أن يكون
هذا متناً آخر غير ذلك المتن. وقد مال إلى هذا ابن حبان، فصححهما جميعاً. ولا
علة عندي إلا تدليس ابن جريج، فإن وجد عنه التصريح بالسماع؛ فلا مانع من
الحكم بصحته. انتهى كلام الحافظ في " نكته على ابن الصلاح " ... ".
وقال شيخه الحافظ العراقي في " شرح علوم الحديث " (٨٩) - وقد ساق
الحديث مثالاً للحديث المنكر-:
" وأما قول الترمذي بعد تخريجه له: (هذا حديث حسن صحيح غريب) ؛
فإنه أجرى حكمه على ظاهر الإسناد، وقول أبي داود والنسائي أولى بالصواب؛ إلا
أنه قد ورد من رواية غير همام: رواه الحاكم في " المستدرك "، والبيهقي في " سننه "
من رواية يحيى بن المتوكل عن ابن جريج، وصححه الحاكم على شرط
الشيخين، وضعفه البيهقي فقال: هذا شاهد ضعيف. وكأن البيهقي ظن [قلت:
وتبعه ابن القيم في " تهذيب السن "] أن يحيى بن المتوكل هو أبو عقِيل صاحب
بُهيّة، وهو ضعيف عندهم؛ وليس هو به! وإنما هو باهلي، يكنى أبا بكر؛ ذكره ابن
حبان في " الثقات ". ولا يقدح فيه قول ابن معين: لا أعرفه؛ فقد عرفه غيره،
وروى عنه نحو من عشرين نفساً، إلا أنه اشتهر تفرد همام به عن ابن جريج. والله
أعلم ".