وتلخيص ذلك: أن حديث مكحول- عن محمود عن عبادة- تفرد به ابن
إسحاق عنه.
وقد خالفه زيد بن واقد- وهو أوثق منه واحتج به البخاري-، فزاد بين مكحول
ومحمود: نافعاً، وزيادة الثقة مقبولة، لا سيما إذا كان أوثق من المزيد عليه- كما
هنا-. فإذا كان كذلك؛ فرواية ابن واقد تعِل رواية ابن إسحاق بالانقطاع.
ويؤيد ذلك: ان مكحولاً لم يصرح بالسماع من محمود- بل ولا من نافع- في
شيء من الروايات التي وقفت عليها، وهو مدلس كما تقدم، فعدم تصريحه
بالسماع- والحالة هذه- يكفي وحده لإعلاله بالانقطاع، فكيف إذا انضم إلى ذلك
رواية ابن واقد التي تؤكد الانقطاع؟
فكيف إذا انضم إلى ذلك كله متابعة حرام بن حكيم لمكحول على روايته عن
نافع؟! فذلك مرجح آخر لهذه الرواية كما تقدم. فإذا كان كذلك فالوجه الأول-
وهو حديث مكحول عن محمود- منكر أو شاذ. وأن الوجه الأخر- عن مكحول
عن نافع عن عبادة- هو المحفوظ أو المعروف.
وعليه؛ فالحديث ضعيف غير صحيح، والعلة هي جهالة نافع، وعنعنة
مكحول. والله أعلم.
وأما الشواهد التي أشار إليها البيهقي؛ فأحسنها وأقواها: ما ساقه من طريق
سفيان الثوري عن خالد الحذاء عن أبي قِلابة عن محمد بن أبي عائشة عن رجل
من أصحاب النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" لعلكم تقرءون والإمام يقرأ؟ ". قالوا: إنا لنفعل. قال:
" فلا تفعلوا؛ إلا أن يقرأ أحدكم بـ (فاتحة الكتاب) ". وقال: