وشتان ما بينهما.
وأما الآخران؛ فلفظهما مطلق، فيصلحان للتقييد برواية أحمد أو الغزال، مع
أن لفظ ابن رافع يبدو أنه قريب المعنى من رواية أحمد.
وإذا كان الأمر كذلك؛ فأي اللفظين هو أصل الحديث؟
لا يشك أحد- ممن له معرفة بأحوال الرجال ومنزلتهم في الحفظ والضبط- أن
الأمام أحمد هو أحفظ وأتقن من مئات مثل الغزال؛ فإنه الإمام المتفق على جلالته
وحفظه وإتقانه، بخلاف محمد بن عبد الملك الغزال؛ فإنه- وإن وثقه النسائي
وابن حبان، وقال فيه أبو حاتم. " صدوق "؛ فإنه- ليس مشهوراً، بل ولا معروفاً
بالضبط والحفظ، بل قد قال فيه مسلمة:
" ثقة كثير الخطأ ".
وقد أشار إلى نحو هذا المعنى أبو حاتم بقوله فيه:
" صدوق ". يعني: أنه بالمنزلة التي دون من قيل فيه: " ثقة "؛ فقال ابنه في
" الجرح والتعديل " (١/١/٣٧) :
" ووجدت الألفاظ في " الجرح والتعديل " على مراتب شتى، وإذا قيل
للواحد: إنه ثقة، أو متقن ثبت؛ فهو ممن يحتج بحديثه. وإذا قيل له: إنه صدوق،
أو محله الصدق، أو لا بأس به؛ فهو ممن يكتب حديثه، وينظر فيه. وهي المنزلة
الثانية ".
فإذا عرفت هذا؛ يتبين لك أن لفظ أحمد هو الصواب، وأنه أصل الحديث،
وأن لفظ الغزال خطأ، وهو ما جزم به البيهقي، فقال (٢/١٣٥) - بعد أن ساقه من
طريق المصنف عن شيوخه الأربعة-: