الأئمة من أحاديثهم إلا بما صرحوا فيه بالسماع-؛ ولذلك قال الذهبي:
وفي "صحيح مسلم " عدة أحاديث لم يُوضِّحْ فيها أبو الزبير السماع من
جابر، ولا هي من طريق الليث عنه؛ ففي القلب منها شيء ".
قلت: وهذا منها، فقد أخرجه مسلم وأبو عوانة وغيرهما- في نحو عشرة من
الأئمة المخرجين- من طرق عن زهير عن أبي الزبير ... به معنعاً.
بل رواه أبو يعلى من طريق أخرى عنه معنعناً أيضاً، ليس في شيء منها
تصريح أبي الزبير بالتحديث لتزول شبهة التدليس. وقد فصلْتُ القول في هذه
الشبهة في "الأحاديث الضعيفة" تحت الحديث (٦٥) .
ثم خرجت الحديث عن الأئمة المشار إليهم في "الإرواء" (١١٤٥) ؛ فتصحيح
الحديث- والحالة هذه؛ كما فعل الحافظ في "الفتح " (١٠/١٥) ! - ينافي القواعد
العلمية، ولا سيما وهو مخالف لبعض الأحاديث الصحيحة؛ كما بينته في
المصدرين المذكورين آنفاً، وتأويله بحمله على الأفضلية ينافيه قوله فيه:
" ... إلا أن يعْسُر عليكم ... ".
ولذلك بوّب له أبو عوانة ب: "باب وجوب الأضحية بالمُسِنة"! على أن التأويل
فرع التصحيح، وهذا منفي! والله أعلم.
نعم؛ قد قال أبو عوانة عقب الحديث (٥/٢٢٨) :
" رواه محمد بن بكر عن ابن جريج: حدثني أبو الزبير: أنه يسمع جابرا
يقول ... وذكر الحديث ".
وهذا- كما ترى- معلق؛ لم يسق أبو عوانة إسناده ليُنْظر فيه، ولا يخفى على
العارفين بهذا العلم الشريف أن (الحديث المعلق) من أقسام الحديث الضعيف لانقطاعه.