للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

.....................................................................................

ــ

وقال النسائي: أخبرنا عمرو بن علي أنبأنا أبو عاصم عن عثمان بن الأسود عن ابن أبي مليكة عن عائشة مثله. قال عمرو ابن علي: قلت لأبي عاصم أنت أمليت علينا من الرقعة ليس فيه عائشة، فقال: دع عائشة حتى أنظر فيه، وهذا إسناد صحيح لولا هذه القصة، ولكن هو شاهد قوي أيضًا. وأما حديث أبي هريرة فأخرجه الدارقطني، وفي إسناده كامل أبو العلاء وفيه ضعف لكنه يعتضد بحديثي ابن عباس وعائشة وفيه رد على قول ابن عبد البر أن ابن عباس تفرد من بين الصحابة بأن النبي - صلى الله عليه وسلم - تزوج وهو محرم، وجاء عن الشعبي ومجاهد مرسلاً مثله أخرجهما ابن أبي شيبة، وأخرج الطحاوي من طريق عبد الله بن محمد بن أبي بكر قال: سألت أنسًا عن نكاح المحرم فقال: لا بأس به، وهل إلا كالبيع، وإسناده قوي لكنه قياس في مقابل النص فلا عبرة به، وكان أنس لم يبلغه حديث عثمان – انتهى. واعلم أن النفي أو النهى في قوله ((لا ينكح ولا ينكح)) للتحريم، وفي قوله ((لا يخطب)) للتنزيه عند الأئمة الثلاثة ومن وافقهم، وفي الكل للتنزيه عند أبي حنيفة ومن وافقه، فاتفق الأئمة الأربعة على كون النفي في الثالث للتنزيه، والظاهر عندنا أن النهي في الجميع للتحريم فلا يجوز للمحرم أن يخطب امرأة وكذلك المحرمة لا يجوز للرجل خطبتها، فحرمة الخطبة كحرمة النكاح، لأن الصيغه فيها متحدة، فالحكم بحرمة أحدها دون الآخر يحتاج إلى دليل خاص، ولا دليل عليه والظاهر من الحديث حرمة النكاح وحرمة وسيلته التي هي الخطبة كما تحرم خطبة المعتدة، وما ذكروه من أن الخطبة لا تحرم في الإحرام وإنما تكره هو خلاف الظاهر من النص ولا دليل عليه، وما استدل به بعض أهل العلم من الشافعية وغيرهم على أن المتعاطفين قد يكون أحدهما مخالفًا لحكم الآخر كقوله تعالى {كلوا من ثمره إذا أثمر وآتوا حقه يوم حصاده} سورة الأنعام، الآية ١٤١) قالوا: الأكل مباح وإيتاء الحق واجب لا دليل فيه، لأن الأمر بالأكل معلوم أنه ليس للوجوب، بخلاف قوله في الحديث ((ولا يخطب)) فلا دليل على أنه ليس للتحريم كقوله قبله ((لا ينكح المحرم)) هذا وأجاب القائلون بجواز عقد النكاح في الإحرام عن حديث عثمان بوجوه منها أن حديث ابن عباس أصح وأقوى لأنه اتفق عليه الشيخان، وأما حديث عثمان فهو مما انفرد به مسلم وقد تعارضا فيقدم عليه حديث ابن عباس. وفيه أن حديث عثمان تشريع قولي عام مقطوع الدلالة في الحكم، وحديث ابن عباس وما في معناه واقعة عين ومن المعلوم أن الحديث القولي العام يقدم على الفعلي عند التعارض: وإن كان أقوى إسنادًا. قال الحافظ: يترجح حديث عثمان بأنه تقعيد قاعدة، وحديث ابن عباس واقعة عين تحتمل أنواعًا من الاحتمالات – انتهى. ومنها أن المراد بالنكاح في حديث عثمان وطأ الزوجة وهو حرام في حال الإحرام إجماعًا وليس المراد به العقد، وفيه أولاً أن في نفس الحديث قرينتين دالتين على أن المراد عقد النكاح لا الوطء، الأولى أن قوله ((ولا ينكح)) بضم الياء دليل على أن المراد لا يزوج لا الوطء، لأن الولي إذا زوج قبل الإحرام وطلب الزوج وطأ زوجته في حال إحرام وليها فعليه أن يمكنه من ذلك إجماعًا فدل ذلك على أن المراد بقوله ((ولا ينكح)) ليس الوطء بل التزويج كما هو ظاهر، وأما ما قال ابن

<<  <  ج: ص:  >  >>