للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

رواه مسلم.

٢٧٠٧ – (٥) وعن ابن عباس، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - تزوج ميمونة وهو محرم.

ــ

وحاصله أن قران النكاح والإنكاح بالخطبة دليل على أن النهي للكراهة لأنه لا خلاف في جواز الخطبة، وإنما الخلاف في كراهتها، فالخطبة تصح عندهم مع الكراهة فكذا النكاح والإنكاح. وقال ابن الهمام: يحمل قوله ((لا ينكح المحرم)) على نهي الكراهة جمعًا بين الدلائل، وذلك لأن المحرم في شغل عن مباشرة عقود الأنكحة، لأن ذلك يوجب شغل قلبه عن الإحسان في العبادة لما فيه من خطبة ومراودات ودعوة واجتماعات، ويتضمن تنبيه النفس لطلب الجماع، وهذا محمل قوله ((ولا يخطب)) ولا يلزم كونه - صلى الله عليه وسلم - باشرا لمكروه (أي في قصة تزويج ميمونة محرمًا) لأن المعنى المنوط به الكراهة هو عليه الصلاة والسلام منزه عنه، ولا بعد في اختلاف حكم في حقنا وحقه لاختلاف المناط فيه وفينا كالوصال نهانا عنه وفعله – انتهى. وقال التوربشتي: فإن قيل كيف يصرف معنى الحديث إلى التنزه عن الخلال الثلاث وأنت تأبي أن يقال وهم ابن عباس (أي في قوله تزوج النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو محرم) فترى أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يتنزه عن ذلك، قلنا: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - مشرعًا يفعل الشيء ليعلم أنه مباح، ويفعل الشيء ليقتدى به وكان يفعل الشيء أيضًا متخصصًا به ولم يكن هذا من باب ما خص به لأنه لو كان كذلك لبينه ولم يكن للإقتداء لأنه لم يحث عليه بل منع عمه حالة الإحرام بالمفهوم عن الحديث، وبعد فإن حاله - صلى الله عليه وسلم - في التمكن من الاستقامة والتصرف في القوي البشرية كانت خلاف حال غيره من الأمة، وقد كان - صلى الله عليه وسلم - مسيطرًا على حوائج النفس بتمكين الله إياه، وفي هذا المعنى حديث عائشة كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقبل ويباشر وهو صائم وكان أملككم لأربه. وفيه أن الأصل في النهي التحريم، وهو الذي فهمه راوي الحديث أبان بن عثمان وغيره من الصحابة كعمر وابنه وعلي وزيد بن ثابت فلا يعدل عنه إلا بدليل صريح، وأما حديث ابن عباس فسيأتي الجواب عنه، وقد سبق منا أن النهي في قوله ((لا يخطب)) أيضًا للتحريم كالجملتين الأوليين (رواه مسلم) وأخرجه أيضًا أحمد (ج ١: ص ٥٧، ٦٤، ٦٨، ٧٣) ومالك وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجة وابن حبان والبيهقي وابن الجارود والدارمي والحميدي وغيرهم، وليس للترمذي فيه ((ولا يخطب)) وزاد ابن حبان ((ولا يخطب عليه)) .

٢٧٠٧- قوله (تزوج ميمونة) أم المؤمنين وهي بنت الحارث الهلالية، آخر امرأة تزوجها ممن دخل بهن، تزوجها سنة سبع وتوفيت بسرف حيث بنى بها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سنة إحدى وخمسين على الراجح (وهو محرم) قد اشتهر عن ابن عباس برواية الثقات عنه أنه قال: تزوج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ميمونة وهو محرم، وقد تقدم أن له شاهدين قويين من حديث أبي هريرة وعائشة، ويعارض ذلك ما سيأتي من حديث يزيد بن الأصم عن ميمونة، ومن حديث أبي رافع أنه تزوج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ميمونة وهو حلال، ويؤيد هذا ما رواه ابن سعد عن ميمون بن مهران قال

<<  <  ج: ص:  >  >>